الأحد، 31 أغسطس 2014

التناقض الإنفصامي بالشخصية :

في العديد من الحوارات مع أنماط مختلفة من البشر بإختلاف توجهاتهم من موالاة ومعارضة ووسطيين .. على المستوى السياسي .
وإضافة الى حوارات أخرى مع شخوص أخرين من متدينين الى درجة التطرف ووصولاً الى العلمانيين ... هذا على المستوى الديني .
ولا ننسى الحوارات التي تحمل الطابع الاجتماعي والاقتصادي والمعاشي .

في معظم النقاشات والحوارات التي أخوضها سواء وجهاً لوجه او عبر وسائل التواصل الاجتماعي القاسم الأكبر والمشترك بين مختلف هذه الشخصيات ..
هو التشبث والتعنت بالرأي ....!!!!
الكل يحاول أن يقنعك بأنه يمتلك الحقيقة والرؤية والتحليلات الإستراتيجية والبرنامج الإقتصادي الإجتماعي الفعّال ..
الكل يفتي في كل شيء ...وعن كل شيء

لا أكاد أجد أي حوار موضوعي بنّاء يعتمد على المنطق والعقل والتجرد من النظرة الذاتية للأمور..
فمفاهيم العروبة والسيادة والمواطنة والقداسة والشرف ... والأخلاق .. والإخلاص والتضحية .. الأمانة والإستقامة هي مفاهيم ومصطلحات قد تختلف من شخص الى آخر ومن جيل الى أخر ومن مكان الى أخر .. بحسب سعة الوعي والتحصيل العلمي والتأثير الديني ومدى الخضوع والوقوع فريسة التضليل الإعلامي المحلي او العالمي ..إضافة الى عوامل ذاتية وجغرافية أخرى ..

لكن أي خلاف على توصيف حالة ما سواء سلبية او ايجابية يجب أن تبقى في إطارها ومحورها الموضوعي ولا يجب أن تتعداه لتصبح مدار خلاف وشقاق قد يتحول الى صراع سواء على صعيد الكلام او التجريح او العنف الجسدي .
لذا أرى من الصواب على كل شخص أن لا يتمسك ويتعنت ويتشبث برأي يستند لمنطق ذاتي واستنسابي ...

بل على العكس تماماً ... في أمور الحياة المعقدة من سياسة واقتصاد وإجتماع وحتى العلوم الدينية والمفاهيم الحياتية الأخرى لا وجود لأحكام ثابتة وقاطعة اذا لم تنطبق على معيار موضوعي وقياسي ..وتحقق المردود الإيجابي المتجدد كقيمة حقيقية للإنسان ..
وحده العلم التجريبي الحديث الذي يعتمد على التجربة والإختبارات والقياس والإحصاء والبحوث المكثفة والدراسات المعمقة التي تبتعد عن مزاجية الباحث وأهواءه وميوله السياسية والدينية .. والإجتماعية ...

لهذا نرى نتائج العلوم الحديثة تتسم بطابع الدقة والموضوعية وتبتعد عن المماحكات النقاشات والجدل البيزنطي والتمنيات الصبيانية لهذا الشخص او ذاك ..

متى تتحول نظرتنا الى بعضنا البعض .. الى نظرة انسانية أولاً ...
تعترف بحق الأختلاف واحترام الرأي وإحترام الإختلاف بالراي ...
وعدم التعاطي مع الأخر على اساس منطق ذاتي ضيق ..

بل على اساس جوهر هذا الشخص ونتاج عمله وخدماته على الصعيد الشخصي والعام ..
آن الأوان لبلوغ مرحلة النضوج الفكري وترك مرحلة المراهقة الصبيانية اللامنطقية في التعاطي مع الأخر ... لنترك التناقض والإنفصام بالشخصيات للمختصين والمشتغلين بالعلوم الإنسانية والنفسية ونتعامل بإنسانية كحد أدنى ... عندها نكون قد بدأنا البداية الصحيحة ..

.. وجهة نظر ... قد تخطىء او تصيب ..؟؟؟


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com        
 

السبت، 30 أغسطس 2014

نحو جمهورية أكثر علمانية..

إن البدأ بالقيام بأي عمل أو نشاط انساني ما في مجتمع ما يتطلب أولاً إدراك الباعث أو الدافع الذي يحركنا لإتخاذ الخطوات العملية في أي عملية أو نشاط بشري ..
بالنسبة للأشخاص المتدينين نلاحظ ظهور الوازع الديني وهو الدافع الأساسي للقيام بالأعمال والخدمات والغاية أو الهدف الأسمى من وراء ذلك تكون إرضاء الألهة والتزلف لها أو عدم إغضابها بشكل أو بأخر أو الهروب من المصير الأسود الذي ينتظر أصحاب تلك العقول في حال إقترافهم لأعمال تندرج في لائحة المعاصي والأثام ...

لذلك فالشخص المتدين لا يقوم بهذه الافعال من منطلق الواجب الوطني أو الاخلاقي أو الشعور بالولاء والإنتماء لبلد او أمة معينة بحد ذاتها وإنما كما ذكرنا سابقاً انطلاقاً من خوف أو وهم ديني ما وبالتالي هذا المنهج أو السلوك لن يؤسس أبداً لتكريس قاعدة فكرية يمكن البناء عليها في عملية بناء الدولة المدنية والعصرية الحديثة لأن ولاء هذه الفئة وشعورها بالإرتباط لبقية البشر سيكون عبر الطائفة او العشيرة أو الجماعة الدينية التي تتبع لها.

وهذا بحد ذاته سلوك قديم وموروث منذ الأزمنة الغابرة ويذكرنا بعصور التخلف والإنحطاط ولا يتلائم مع الشكل الحديث للدولة العصرية المدنية لأن التركيبة العقلية لهؤلاء البشر ستفرض عليهم التبعية للعقيدة الدينية والإثنية قبل الولاء للوطن والأمة التي يعيشون على أرضها ويأكلون من خيراتها وبالتالي إن أي صراع او نزاع سياسي او ايديولوجي أو اجتماعي ما سيحصل في هذا البلد سيترتب عليه وقوف تلك الفئة بموقف اللامبالي من الأحداث الحاصلة طالما الطائفة والعشيرة غير مهددة أو مستهدفة وسيتم النظر الى الامور ومقاربتها من خلال أدبيات وثقافة الموروث الديني لتلك الجماعة أو الطائفة وهذا يقود وبشكل تدريجي وعبر تراكمات السنين الى الفرقة والتشتت ولا يمكن البناء عليه كما اسلفنا لان المصلحة الاولى لتلك الفئة والتي يجب تغليبها هي كلمة الله العليا ولو تعارضت مع مصالح البلاد والعباد ..

أما في المقلب الأخر فالشخص العلماني والذي يتخذ من العقل والعلم ومنهج البحث العلمي في محاكمته ومقاربته للأمور سينطلق في عمله ونشاطه سواء الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي من مصلحة البلد والأمة أي مصلحة الشعب وهي مصلحة عامة بإمتياز ويجب أن يكون لها الأولوية في كل المجالات حتى لو تعارضت مع بعض العقائد الدينية والأثنية لفئة ما في هذا البلد لأن مصلحة الإنسان برأيي ورأي المنطق والواقع هي أهم وأعمق وأسمى من المصالح الدينية لأي فئة او طائفة ما فهي لا تميز بين البشر على أساس ديني أو عقائدي وبالتالي على أساس مزاجي او غرائزي ..

إن خدمة الانسان ومصالحه وأهدافه وبالتالي خدمة الوطن والأمة من ورائها هي أسمى وأرقى من خدمة الأديان وتلك الألهة من ورائها وهذا هو حجر الزاوية الرئيسي في بناء الدولة المدنية والعصرية الحديثة لأننا نعيش في مجتمع تشاركي وبالتالي علينا حقوق وواجبات وطنية وإنسانية بالدرجة الأولى سواء اّمن البعض منا بالنظرية النسبية أو الدينية أو الدارونية كتفسير من تفاسير نشوء الحياة وظهورها على سطح هذا الكوكب ..

فالمجتمع العلماني المدني سيوفر الغطاء والحاضن والضامن لكافة أبناء الوطن والأمة على الحد السواء حيث تسود فيه القوانين المدنية الحديثة والقابلة للتطوير وإعادة البحث والنظر بين الحين والأخر بحسب تسارع الظروف والمتغيرات المادية والبشرية وبالتالي هذا سيؤدي الى استبعاد العقوبات البربرية والجائرة من نظامنا الحقوقي والقضائي وهذا بدوره سيكرس شعوراً عاماً بأن الجميع متساوون أمام القانون في العقاب والثواب على الحد السواء وبدوره سيؤدي الى إنصهار واندماج كافة ابناء المجتمع والأمة بصبغة واحدة ونسيج إجتماعي واحد ..

ايضاً البنية والهيكلية السياسية للمجتمع والدولة يجب أن تبنى وتؤسس على أساس مدني ووطني بحيث تكون مبادىء الدستور الذي سيطبق على البشر هو من صنع البشر أنفسهم حتى لا تشعر فئة ما بالغبن أو الظلم أو التهميش الذي سيشعرها بالنفور وعدم الولاء واللامبالاة وسيقودها الى الإنكماش على مرجعياتها الدينية والطائفية في تسيير شؤونها العامة والخاصة والعودة الى البدء والإنتكاس والوراء بتغليب مصالحها الفئوية على المصالح الوطنية ويصبح الوطن معها وكأنه تحصيل حاصل وهذا كنتيجة للسياسات الخاطئة والمعتمدة في رسم النظام العام من قبل العقول المغلقة والإرتجاعية.

فالحياة العامة من سياسة ومجتمع واقتصاد الى أخر ذلك .. يجب أن تبنى على أساس مدني ووطني كما قلنا سابقاً فمصادر التشريع لا ينبغي لها أن تعتمد على الشرائع الدينية والفقهية لفئة ما لأن الدولة ككيان سياسي لا يجب أن تصبغ بالصبغة الدينية فالدولة لا دين لها وهذا أمر مفروغ منه لأن الدولة شخصية إعتبارية تمثل جميع أبناءها وهذا يفرض مبدأً بسيطاً أن الكل هو مجموع كافة أجزائه بينما في الدولة ذات الشكل الديني سيظهر المختلفون دينياً وكأنهم غرباء أو ضيوف ثقيلي الظل وغير مرغوب بهم عند كل خلاف عقائدي له صبغة دينية أو نظرة مستقبلية لشكل الأمة والبلد .. اما محاولات البعض لوي عنق الزجاجة بالقول إن شريعة فئة أو طائفة ما يجب إعتمادها باعتبارها الأكثرية فهذا قول مردود عليهم لأن منطق الاكثرية والأقلية العددية هو مفهوم نسبي وليس مطلق فالأدوار قد تتغير وتتبدل وبالتالي لا يمكن بناء البلاد والتحكم في رقاب العباد على أساس هكذا مفاهيم..

فيجب أن يعلم الجميع أن العقيدة او الشريعة هي أمر شخصي وخاص بفكر الانسان ووجدانه وحده وبالتالي لا يمكن تعميمه على الجميع وإعتباره قانوناً كونياً واعتماده في كافة مناحي الحياة لأن للشريعة أوالعقيدة الدينية نواحي ومساوىء سلبية فهي تعتمد أولا سياسة إقصاء الاخر المختلف عقائدياً ودينياً ومن ناحية أخرى تقوم على فرض تلك العقيدة على الجميع بإعتبار أن اصحابها يرون فيها الحقيقة المطلقة في كل زمان ومكان ..

بينما الأسس والقواعد الفكرية اللادينية فمرجعيتها العقل والمنطق وإحترام حقوق الانسان .. أي انسان.. سواء كان متديناً أو ملحداً فهي تكفل المساواة الحقيقية وتشجع روح التنافس والإبداع بين جميع البشر إنطلاقاً من شعورهم بالمساواة والإنتماء الحقيقي للوطن والأمة قبل الطائفة والعشيرة أو الحزب وإلغاء تلك العقلية أو الذهنية التي يحاول البعض فرضها على أساس التمايز أو التفضيل الديني لفئة أو طائفة ما وبالتالي أفضليتها للحكم والقيادة على أرض الوطن لأن الهدف والغاية والوسيلة ستكون واحدة في كل المقاييس والمعايير ألا وهي الإنسان الذي في الحقيقة هو السيد الحقيقي على هذه الأرض أو ربما الإله حتى إشعار أخر ..

 
بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com        
 

الخميس، 28 أغسطس 2014

التوقيف الإحتياطي .. ولكن !!

من المعروف للقاصي والداني بأن الحرية أثمن ما في الوجود ويتجلى الأحساس بها بشكل واضح عندما تقيد ظلماً لسبب من الأسباب وخاصة عندما يكون ذلك بأمر السلطة العليا في البلاد .

ولكن المؤلم في الأمر هو عندما يكون الشخص بريئاً ويتم إتهامه بشكل تعسفي بناءاً على افتراء أو عطف جرمي من أحد المتهمين فنراه يساق عن طريق رجال الشرطة الى القضاء ويتم توقيفه وهنا تبدأ الرحلة الحقيقية في المعاناة فالشخص المتهم يتم توقيفه الى آجل غير مسمى ومن دون أدنى ضمانات قانونية لا لشيء وإنما لان ثقافة المجتمع أو السلطة القائمة على المجتمع درجت على عادة التوقيف وكأنه اصبح القاعدة والإستثناء هو الترك والحرية .

فالتوقيف الإحتياطي على ما عرفه الفقهاء من خلال اسمه هو وضع الشخص المدعى عليه في أحد أماكن التوقيف على ما نصت عليه المادة (432 )     من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري طيلة مدة التحقيق معه أو خلال فترة منه بموجب قرار يصدر عن قاض التحقيق أو القاضي الجزائي الذي يضع يده على ملف الدعوى .

ولكن في المقابل قد يستمر توقيف المتهم الموقوف الى أن يصدر حكم مبرم في ملف الدعوى وللأسف هذا ما يحصل على أرض الواقع وفي أروقة المحاكم مع أن غاية المشرع من وراء التوقيف الإحتياطي هو أن يكون مؤقتاً ومحدداً لأنه تدبير وقائي وإحترازي الغاية منه تسهيل التحقيق وجمع وصيانة الأدلة وتهدئة الخواطر ومنع المدعى عليه المتهم من التأثير على الأخرين من شهود أو مدعي .. الى آخر ذلك من حجج لكن للأسف كما قلنا فقد تحول عن الغاية المعدة له وأصبح التوقيف عقوبة بحد ذاتها قد تصل مدتها الى سنين وخاصة في الجنايات .

لقد نصت معظم دساتير العالم ومنها الدستور السوري على أن الاصل هو حرية الانسان وأنه لا يجوز حجز حريته إلا في حدود ضيقة ووفقاً للقانون وحيث إن مبدأ الحرية قد جرى تكريسه في العديد من المناسبات للتأكيد والدلاله على أهمية الحرية المرتبطة بشخص الانسان فنرى الثورة الفرنسية في عام 1789 وضعت المبدأ التالي (لا يتهم أحد ولا يوقف ولا يحبس إلا في الحالات المحددة بالقانون والاشكال التي نص عليها )
وأيضاً المادة 11 فقرة1 من الإعلان العالمي لحقوق الأنسان عام 1948 والذي نصت على أن (كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً الى أن يثبت إدانته قانوناً)

لكن الإشكالية تكمن دائماً في التطبيق العملي وخاصة عند البحث والأستقصاء عن الجرائم والمخالفات المرتكبة بحق المجتمع والافراد وهنا تظهر إشكالية التوقيف الإحتياطي فمن جهة هو ضرورة قانونية وواقعية للحفاظ على أمن المجتمع من عبث المجرم وحفظ وصيانة الأدلة وتأمين سلامة التحقيق ولكن في المقلب الآخر هو خرق لقاعدة دستورية تنص على أن الأنسان بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم وبذلك نكون أمام إشكالية حقيقية ألا وهي أن مبدأ التوقيف بحد ذاته متعارض مع المبادىء الدستورية والإعلان العالمي لحقوق الانسان .

وحيث إن منظمة العفو الدولية عرّفت التوقيف الإحتياطي بأنه (تجريد المرء من حريته لسبب لا يتصل بصدور حكم بالإدانة) وبدراسة متأنية لتشريعنا السوري الجزائي نلاحظ العديد من الثغرات والخروقات التي تعارض مبادىء صون الحرية المكرسة في الدستور على رغم ضعفها وعدم فعاليتها نذكر منها :
نص المادة \17\ من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل بالمرسوم التشريعي رقم \55\ لعام 2011 الذي أعطى الحق للنيابة العامة ورجال الضابطة العدلية بحجز حرية الشخص لمدة قد تصل الى ستون يوماً وذلك بغرض التوسع بالتحقيق وهذا خرق واضح لأن النيابة العامة هي خصم بوصفها تمثل الدولة والإدعاء العام وبالتالي فلا يجوز أن تعطى سلطة توقيف الاشخاص والتعدي على صلاحيات القضاء الأصيل .؟؟

ومن الأمور الاخرى المعمول بها في محاكمنا وقضائنا هو عدم تسبيب القرارات التي تصدر بتوقيف شخص ما إحتياطياً وحجز حريته أي ذكر الأسباب والموجبات القانونية التي دفعت القاضي الى إصدار أمر بتوقيف شخص بعد استجوابه أصولاً فهذا غير معمول به في نظامنا القضائي ويعتبر ثغرة حقيقية تصيب جبين العدالة بالعار ..
ونصل الى النقطة الجوهرية في قضيتنا ألا وهي مدة التوقيف الإحتياطي ولأن التوقيف جاء إستثناءاً من القاعدة التي تقول أن المتهم بريء حتى تثبت إدنته بحكم مبرم لذا يجب أن يكون هذا الإستثناء في أضيق نطاق حتى لا تتعرض حقوق الناس وحرياتهم وكراماتهم للإهانة عبر مزاجية القضاء أو كيدية الشكوى المقدمة من المدعي وهذا ما نلاحطة في معظم الشكاوى المقدمة الى القضاء والتي تشغله وتعرقل مسيرة عمله وتطوره .

وللتوفيق بين القاعدة العامة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) وبين الإستثناء (لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون) كان حرياً على المشرع السوري أن يضع حداً لمدة التوقيف الإحتياطي بينما الملاحظ أن التشريع السوري بدستوره الحالي أو السابق ترك للقانون والقضاء صلاحية مطلقة في مسألة التوقيف فنصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر بتاريخ 1950 لا نجد فيه أي تحديد لمدة التوقيف بخلاف ما كان معمولاً به سابقاً في التشريعات السابقة .

والملاحظ أن العديد من تشريعات الدول العربية والغربية عمدت الى وضع حد أقصى لمدة التوقيف عبر نصوص واضحة وذلك حتى لا يفقد التوقيف الإحتياطي غايته ويتحول الى عقوبة وإنتقام من الشخص الموقوف الذي قد يكون بريئاً وهذا ما لمسناه في العديد من القضايا التي تصدر في نهاية الأمر بالبراءة رغم مضي مدة طويلة على توقيف صاحبها بدون وجه حق وكان حرياً بالمشرع السوري ونحن في القرن الواحد والعشرين أن ينحى منحى الدول المتقدمة ..!!

وعن مسألة التوقيف الإحتياطي تبرز لنا إشكالية من نوع آخر وهي مسألة التعويض عن التوقيف الإحتياطي الغير مبرر وهنا يبرز رأيين أو إتجاهين الأول ينادي بصيانة القضاء والحفاظ على عمله واستقلاله وذلك عن طريق عدم مساءلة القضاء أو القاضي الذي يخطأ في توقيف شخص ما إحتياطياً ولفترة قد تصل الى سنة او أكثر ومن ثم يصدر قرار ببراءته فالبراءة وبالرغم من وقعها الجميل على المتهم واسرته إلا انها لا تمحي الآثر النفسي والإجتماعي للمتهم الموقوف وأسرته ومحيطه الإجتماعي ومبرر هذا الرأي أن وضع القضاء تحت المساءلة له آثر سلبي على عمل القضاة وكفاءتهم .

ولكن في المقلب الآخر أصحاب الرأي المخالف ينددون بتلك الحجج الواهية ويصرون على المطالبة بمسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها القضائية وخاصة لدى إمتهانها حرية الأنسان وكرامته بطريقة غير مبررة أو معللة بشكل قانوني سليم .
وقد ورد هذا المبدأ في العديد من بنود ونصوص وتوجيهات المنظمات الدولية والتي تنادي بحماية حقوق الإنسان للتأكيد على مبدأ مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية نذكر منها على سبيل المثال :

التوصية السابعة لمؤتمر هامبورغ لعام 1953 (من المرغوب فيه تقرير مسؤولية القاضي شخصياً بدلاً من الإختصار على تحديد أحوال إستثنائية معينة لمسؤولية القاضي )
المادة \5\ من الإتفاقية الاوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950 (كل شخص ضحية قبض أو توقيف غير مشروع له حق التعويض )وقد كان لهذه التوصيات الأثر الكبير الذي دعى معظم الدول لأن تشّرع في دساتيرها مبدأ حق التعويض للشخص المتضرر من توقيف إحتياطي لتصبح بذلك الحرية مصانة فعلاً لا قولاً أو حبراً على ورق ونذكر منها على سبيل المثال :
المادة 40 من الدستور الياباني (إن لكل شخص الحق في مطالبة الدولة بالتعويض عن القبض عليه أو حبسه أذا صدر حكم يقضي ببراءته من ذلك وفقاً للقانون )

وأيضاً مثلها المادة 31 من الدستور التركي (تعوض الدولة جميع الأضرار التي يصاب بها الأشخاص الذين يعاملون معاملة تخالف أسس القبض والتوقيف الإحتياطي المنصوص عليها في هذه المادة أو في القانون ..)
لكن في المقابل نرى معظم التشريعات العربية تكاد تخلو دساتيرها من هكذا مبدأ وحتى الدستور السوري الحالي والسابق يخلو من أي إشارة الى مساءلة السلطة وتعويضها على المتضرر في حال إرتكابها لخطأ بحقه..
ولكن الغريب والمثير في الامر أنه في دستور سوريا الأسبق لعام 1963 وتحديداً المادة 10 فقرة 11 نلاحظ وجود نص واضح يقضي بمسؤولية الدولة تجاه الأفراد حيث يقول (لكل شخص الحق في مطالبة الدولة بالتعويض عن القبض عليه أو حبسه اذا صدر حكم يقضي ببراءته منه وذلك وفقاً لأحكام القانون )والغريب إختفاء هكذا نص في الدساتير اللاحقة والمتعاقبة وصولاً الى الدستور الحالي مع أن المنطق البديهي للأمور يقضي بأن التطور المعرفي والفكري والثقافي يجب أن يكون بإتجاه واحد الى الامام لتكريس حماية أوسع لحقوق الافراد وحرياتهم .

لذلك فأنا أقترح عدة نقاط لربما تساهم في ترسيخ أرضية أوسع في الحفاظ على حريات الناس وحقوقهم وبالمقابل تحافظ على هيبة القضاء ورفع سوية أداءه في تطبيق العدالة وتحد قدر الإمكان من الظلم والقهر الذي يطال العديد من الأبرياء ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

1-وضع نص قانوني واضح في قانون أصول المحاكمات الجزائية يحدد بصراحة لا لبس فيها الحد الادنى والاعلى لمدة التوقيف الإحتياطي في مختلف أنواع الجنح والجنايات وبشكل تفصيلي يتناسب مع طبيعة كل جرم حتى لا تبقى هذه المسألة خاضعة لمزاجية القضاء رغم ما يبذلونه من جهود يشكرون عليها

2-تضمين الدستور الحالي أو القادم نصاً واضحاً يتيح لكل شخص حق مقاضاة الدولة الراعية للمؤسسة القضائية ومطالبتها بالتعويض عما أصابه من ضرر مادي ومعنوي وأدبي نتيجة توقيفه بغير حق سواء عن طريق القضاء أو الشرطة أو المؤسسات الأمنية

3-ضرورة التأكيد على جميع العاملين في المؤسسة القضائية من قضاة حكم وتحقيق بإلتزامهم بمبدأ تعليل وتسبيب الأحكام المتعلقة بالتوقيف وحجز الحرية حتى يكون قرار التوقيف صادراً بالشكل القانوني السليم وفي أضيق نطاق وبالتالي إطلاق سراح الموقوف فوراً في حال زوال سبب التوقيف أو علته

4-إعادة النظر بالمرسوم التشريعي رقم (55)لعام 2011 والمعدِل لنص المادة (17) من قانون اصول المحاكمات الجزائية والتي تقضي بأن للنيابة العامة حق توقيف أي شخص ما لمدة تصل الى ستون يوماً وذلك على الشبهة وضرورة تقديمه للقضاء المختص فوراً لإستجوابه وتحري أمره لربما يكون الشخص بريئاً والتشديد على ضرورة حصر صلاحية توقيف الافراد من قبل قضاة التحقيق والحكم لانهم في النهاية بمثابة الحكم الحيادي بينما قضاة النيابة فهم خصم لأنهم يمثلون سلطة الإدعاء العام فلا يجوز أن يكون طرفاً ما حكماً وخصماً (مدعياً)بآن معاً فهذا لا يستقيم مع مبادىء العدالة والإنسانية وروح القانون .

وفي الختام لا بد من القول إن حرية المجتمعات والتي هي إنعكاس لحرية الأفراد كانت نتيجة لنضال طويل وشاق ودامٍ دفعت الشعوب الكثير من دماءها وتضحياتها للوصول الى مراحل متقدمة من الإنسانية والمدنية وإقرار مبادىء حقوق الإنسان لذلك علينا عبر تشريعاتنا الوضعية المحلية الحفاظ على هذا الإرث الإنساني الكبير وصيانة مبدأ الحرية لأنها في المحصلة مقياس تقدم ووعي الشعوب والأمم عبر كافة العصور ...

 بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com        
 




الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

إعانات أم ..لعنات ..!!

الذي يتمعن ويتفرس في صفوف وطوابير الكتل البشرية اللحمية المتزاحمة والمتعاركة والتي تتصبب عرقاً أمام مؤسسات القطاع العام وجمعياتها طلباً لما يسمى بالمعونات والسلع الغذائية والتموينية من سكر وأرز وغيرها إنطلاقاً من الحاجة يتداعى الى خياله صورة قطعان الأغنام والأنعام التي تُساق الى منابع الماء او مراعي الكلأ .

قد يستنكر او يستغرب او يستهجن البعض او الكثيرين منا هذه التشبيه .. لطالما تعودنا وأجدنا لغة الإستنكار والإستهجان السلبية .... لكن الحقيقة لطالما كانت قاسية وصادمة كما دنيانا هذه فقد أجادت إبكائنا وإزهاق أيامنا ودمعاتنا .. فنظرة واحدة الى احدى بوابات تلك الجمعيات او المؤسسات لنرى بأن معاني الإنسانية والأخلاق والكرامة تُنتهك وتُغتصب وتُذبح على مرآى ومسمع الجميع ..

صراخ هنا وهناك وشتائم وسباب وكافة أنواع وفنون المعارك والقتال .. إشتباكات بالأيدي وربما تتطور الى مستوى الأرجل بين الناس الجياع التي هدها وأعيا كاهلها القدر والزمان والأيام ولم تنصفها حكوماتها وحكوماتنا والتي لطالما تشدقت وتغزلت وأطربت وأسهبت ومازالت تتشدق بالمبادىء الطنانة والرنانة التي تطرب بها آذاننا بمعزوفة مشوهة وناشزة كل صباح ومساء عبر وسائل إعلامها المرئية والمسموعة والمقروءة وبطريقة توحي للمراقب الخارجي بأنها تتمنن وتتحنن وتتعطف بل وتتفضل وتتكرم على رعاياها عبر هذه الهبات والعطايا الرمزية الثمن ..( تحت مسمى الدعم الحكومي للمواد الغذائية الرئيسية  ) ..؟؟  مع العلم أن علم الأغذية قد كشف إن الشخص العادي والطبيعي يحتاج الى سلة غذائية متكاملة تشتمل على الخضار واللحوم والألبان ومشتقاتها ومصادر الطاقة من دهون وسكريات وكربوهدرات للحصول على المدخرات الغذائية كحد أدنى للجسم البشري للعيش بمقاييس إنسانية ..والتي لا يغطيها المعاش ..!!

إنها قمة الإفتضاح والقذارة والدناءة والدونية تلك الهبات والعطايا المدعومة والتقدمات التي تعطى وتقدم ممزوجة بالذل والهوان والإمتهان والافتضاح .. وحتى اللعنات ..!!

فتلك الحكومات التي تريد ولطالما أرادت وسعت وعملت وتسعى وتعمل على تبييض وتلميع وتنصيع صورتها السوداوية والمشوهة وستر عورتها الثيب الملطخة بالعار السياسي والأخلاقي أمام الرأي العام المحلي والخارجي تستخدم الناس البسطاء كوسيلة لغاياتها الدنيئة ومآربها الدونية كمن يستخدم حطباً ليوقد ناراً في سماء صيفٍ مشمس  فلا بردً أبعد ولا ظلاماً أضاء .. !
وكل ما هنالك أن بضعاً من أصحاب البطون الممتلئة قصدت داره فأبى إلا أن يظهر بمظهر أبناء الطبقات الأرستوقراطية وبلاطات الملوك والسلاطين والامراء .. هكذا تكون سياسات الحكومات المتهالكة المترهلة في نشاطها وأداءها الوظيفي . 

إنك لتكاد تسمع وترى وتشتم رائحة المهانة والإحتقار في كل تعبير او لفظ او نظرة يرمقها ذلك الموظف المسؤول عن بيع وتوزيع تلك المواد التموينية لقطعان البشر الهائجة الغاضبة وتريد الحصول على تلك المنة او العطية الملوثة والموسومة برائحة العبودية والإحتقار .؟؟
اما آن لتلك السلطات والحكومات أن تعي وتعرف وتتحسس بأنها تمارس الدعارة والعهر السياسي والدجل الشعبي عبر تلك الممارسات والتصرفات والسلوكيات لتكسب سمعة وصيتاً وتأييداً هنا او تجترع حسنة ودعاءً هناك على حساب كرامات الناس وحرياتهم وحتى أخلاقهم .

عزيزي القارىء إنك إذا أردت استعباد واستصغار شخص ما او شعب ما ... فما عليك إلا أن تحاصره وتحاربه وتنازعه في لقمة عيشه وأمنه الغذائي فتحوله الى كائن شبه حيواني لا ولن يفكر سوى بغريزة الأكل والحفاظ على السلامة الجسدية من البطش والقمع ولن تتعدى أحلامه وسقف طموحاته سوى التفكير في مواعيد وساعات طرق الحصول على الغذاء والماء ...... وحتى الكهرباء ..؟؟

وهنا تأتي دور الأدلجة السياسية التي تقوم بها وتمارسها حكومات وبلدان العالم الثالث .. أقصد الرابع .. ولربما الخامس .. عبر هذه الوسائل والآليات المأخوذة والمسلوبة والمستلبة من زمن العقيدة والفكر الإشتراكي ولكن بصورة مشوهة ومقزّمة فتلك الحكومات وسلطات الأمر الواقع لم تأخذ من وسائل وطرق التشاركية  سوى التصرفات الدونية من غير أن ترفقها وتحصنها بالمبادىء الأخلاقية من احترام سيادة الشعب واحترام حقوق الإنسان وحق الفرد في التساوي بفرص العمل مع توزيع عادل للثروة والدخل .. الذي هو ملك للشعب قبل الحكومات الخادمة لشعوبها.. والعيش بحرية وكرامة بالكلمة واللقمة ...بل تخط تلك المبادىء وتنقشها كزينة وديكور في دساتيرها ودواوينها وبلاطاتها .. لتبقى حبراً على ورق .. كم هو رخيص هذا الورق في بلادي ... يكاد القلب ينفطر عليك أيها الورق من شدة المبادىء القيّمة التي تحملها على كاهلك وبين دفتيك ولا يتم تطبيقها وتنفيذها بل يتم سحقها تحت الأرجل  .. ؟!!

أنا أكاد أجزم بأن استمرار سياسات الدعم الحكومي لتلك السلع التموينية ما هو إلا وسيلة لتكريس سياسات النهب والفساد وسرقة المال العام إنه مالنا أيها السادة الأفاضل .. فلا تمتعضوا او تستاءوا .. إنه حقنا وملكنا الشرعي والقانوني وواجب المؤتمن عليه أن يقدمه لأصحابه بشكل لائق ومحترم عبر خدمات ورعاية وأمان واستقرار وأمن غذائي وصحي وضمان إجتماعي لجميع أبناء الشعب ككل العامل فيها ... والعاطل مترافقة باحترام لحقوق الناس وكراماتهم وماء وجههم .. دون تفضل او تَكرّم .

لا بد لهذه الظواهر المشوهة والإرتجاعية من أن تذهب الى مزابل التاريخ وتحال على التقاعد والتقادم... لأن المنطق البديهي للأمور والأحداث يفترض أن أي تطور لأي بلد ما عبر بنية إجتماعية وإقتصادية وسياسية إذا لم يترافق بتطور أخلاقي وصقل دائم لكل المبادىء والفضائل وتوسيع نطاق الحريات واحترام مبادىء حقوق الإنسان لن يكون تطوراً بالمعنى الإيجابي للكلمة وإنما سيكون إنتكاساً وإرتداداً وتقهقراً بكل المعايير والمقاييس الفكرية والأدبية وما للكلمة من معنى وأبعاد ..

إن تطور البلدان والشعوب ومنها شعوبنا وبلداننا تقاس بمدى احترامها لقوانينها وحقوق مواطنيها وبالتطبيق العملي من قبل الرعايا والسلطات كلٌ لواجباته مع إحترام حق التعبير والإختلاف عبر القوانين العصرية الناظمة للحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ...

هذا ليس رفاهية او حلماً طوباوياً صعب المنال أيها السادة ... وإنما بالإرادة الحرة والشجاعة والحقيقية وبالتصميم والتفكير العقلاني لا الإرتجالي والعبثي وبالعمل .. فعلاً لا قولاً .. يمكننا الوصول الى هذه المستويات والطموحات والمتطلبات والضرورات  ...

علينا أن نتخلص من كوابيسنا ولعناتنا و نسعى لتحقيق أحلامنا ومتطلباتنا المشروعة والمحقة حتى لا نبقى عملة رديئة غير قابلة للتداول او الإستعمال  ...!!


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com        
 

الخميس، 7 أغسطس 2014

الى متى ..؟؟

في الحرب العالمية الاولى بين اعوام 1914 .. الى 1918 .. راح ضحية هذه الحرب حوالي عشرة ملايين شخص من رجال ونساء وأطفال وحجر وشجر ....
 

وفي الحرب العالمية الثانية والتي حدثت بين أعوام 1939 .. الى .. 1945 ..
ذهب ضحيتها ما يقارب الخمسين مليون شخص ... وذهب معها الضمير والوجدان العالمي ..؟؟؟!!!!!
وأصبح الحكم للأقوى والأعتى ... والأقذر والاوقح ....
 

لقد تم سحق الملايين من الأبرياء وخلال فترة زمنية قصيرة نسبياً لا تتعدى الثلاثة عقود ...!!!
وقد قيل لنا قديماً من قبل رجالات الدين وتجارها بان الإله قد تدخل في الماضي السحيق لإنقاذ حفنة قليلة من البشر ...؟؟؟
طبعاً حدث هذا الامر على ذمة الرواة وفي غفلة من الزمن العتيق ومن دون أية مصداقية أو أية وسيلة او آلية لتوثيق أو إثبات او تصوير وتسجيل هذه الاحداث الجسام
 

وهذا إن دل على شيء فهو يدل بكل تاكيد وبتحليل عقلاني بسيط على عدم حصول أي تدخل في مسار الاحداث سواء زمنياً او تاريخياً ... من قبل سكان السماء
بدليل بسيط ولا يحتاج الى الكثير من التضخيم والترقيع اوالتطبيل الموسيقي ..
 

ألا وهو أن التدخل إن كان واجباً في ذلك الزمان لإنقاذ بضعة أفراد او لإثبات امر خارق للطبيعة او لتسجيل موقف هنا او هناك ...كما يُروى بأنه قد حدث ...!!!!
 

فالمنطق يفترض التدخل في أحداث وكوارث إنسانية أعظم كالحروب العالمية والتي ذكرناها سابقاً وراح ضحيتها الملايين من الابرياء .. وأوكد على كلمة الأبرياء حتى لا يحلو للبعض الأصطياد في الماء العكر وتفسير مآال الأمور بعقلية طفيلية وعصابية ..؟؟
 

كما أن التطور التقني والهندسي والعلمي البشري يسمح بدون ادنى مجال للشك او الوهم والخديعة من توثيق او تدليل ( اي اقامة الدليل ) على ان تدخلاً خارقاً للطبيعة والزمن قد حدث او يحدث في لحظة ما او في مكان ما ...
والسؤال الذي لا بد من طرحه والوقوف في وجهه بشجاعة وبتجرد من الغرور والعنجهية التي لطالما تحلى بها الإنسان المتدين بطريقة متشنجة ...
 

أما آن الأوان للتدخل السماوي من كسر حاجز الجليد او الخجل ...!!!!
أم ان الملايين من البشر التي تزهق أرواحها لا تكفي قرباناً لغرور الألهة ..؟؟
أم ان لا تدخل حصل ولا خبر قد وصل ... وما هو إلا أضغاص احلام في مخيلات بعض البشر ...
سؤال برسم كبار المتبحرين في علوم الشريعة واللاهوت ...؟؟؟؟
 

.. وجهة نظر ...
وبصحتكون ...



 بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                            
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com       
 

 

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

احتلوا وول ستريت ..!!

يتسأل الانسان دائما لما متطلبات الحياة المادية لا يتم الوصول اليها الا بشق الانفس هل لهذا علاقة بالقدر والنصيب والمقسوم الى أخر ذلك من تحليلات وإذعانات تم دسها في اعماق اللاوعي الانساني لإيهام الانسان ان الفقر والغنى وما ينتج عنهما من رسم مستقبل الشخص على مختلف الاصعدة هو إرادة سماوية عليا ....

لحظة واحدة لننظر للامر من زاوية اخرة لنفرض ان عدد سكان العالم هو خمسة مليارات شخص

وانهم يحتاجون الى لمتطلبات معيشتهم من اكل وشرب وشراء منزل وسيارة وكافة لوازم الحياة الفارهة سنصل الى رقم ما هو ما نحتاجه لتغطية كل هذه النفقات واكثر ولنفرض ان كل حكومات العالم اتفقت على طباعة اوراق نقدية تعادل ذلك المبلغ الذي نحتاجه سنصل الى نتيجة وهي ان الفقر والبطالة والكثير من المشاكل الاخرى ستختفي تلقائيا على اعتبار ان البشر هم من يعطون للاوراق النقدية قيمة مادية وذلك بأتفاقهم على التعامل بها وبذلك لن نحتاج الى الاعانات والمنظمات الانسانية والجمعيات الخيرية وهذا التسويق الاعلامي المبتذل .....

كل هذا الكلام السابق ربما يراه الكثيرون نظريا وطوباويا ومعهم الحق لان من يتحكم بمصير الناس ليس السماء وإنما بضعة حفنة من البشر الانتهازيين الجشعين الذين اعتادوا مص دماء البشر ...

بالعودة الى الحديث عن وول ستريت هذا المكان الذي قد لا يعيره الكثيرون الاهمية لكن لحظة واحدة من فضلك ان هذا المكان الصغير الحجم نسبيا ما هو الا قلب العالم النابض وهو برأيي حكومة العالم الخفية التي يجتمع فيها اكبر اقتصاديي العالم ورجال البورصة والصيرفة والبترول مان حيث يقومون بالتخطيط ورسم سياسات العالم المالي والاقتصادي والسياسي ابتداءاً من ترشيح الرؤساء والاقتصاديين ورجال القانون والاداريين ورسم الثورات وعمل الانقلابات والتنظيم لاضرابات عمالية والاعداد لحروب عالمية واقليمية في كل بقعة من العالم بل لا اكاد ابالغ اذا قلت انهم يتدخلون في سياسات تصنيع الادوية والاغذية وحبوب منع الحمل والفياغرا والواقي الذكري واسلوب ادارة بيوت الدعارة انهم وبكل فخر حكام العالم الحقيقيون فقد اراد مالكو الارض هؤلاء بين قوسين ان يقيموا هذا الصرح الديناميكي بما يحمل اصحابه في رؤسهم من مخططات ورغبات شبقة لان يكون مركزا للتحكم بالعالم الحديث بعد ان كان مركزه في بريطانيا العظمى ....

فمصير الحكومات والشعوب والهيئات الدولية والاقليمية بيد قلة من الاشخاص كعائلات روتشيلد وهاريمان ومورغان وروكفيلير واخرون وهم اصحاب الذهب والصيرفة والمضاربات والنقل والبترول انهم يتحكمون بكل نفس يتنفسه الانسان ..... انهم النورانيون الجدد

في هذا المركز المأفون يتم خلق الأعداء والاصدقاء في كل زمان ومكان لخلق حروب ونزاعات وثورات ورسم ايديولوجيات هنا وهناك ويتم ذلك عبر القوة المادية والاعلامية التي يصل صداها الى اورانوس على ما أعتقد حتى انني اكاد اجزم ان بعض النظريات والأبحاث العلمية التي تطلع علينا بين الفينة والاخرى هي من صنيعة رجالهم وعلمائهم والهدف منها حرف الرأي العام العالمي والمزاج الشعبي نحو نقطة معينة وهدف مرسوم ومحدد مسبقاً يرضي شبقهم وجشعهم حتى إنني بت أفكر هل تكون نهايتي على ايدي هؤلاء وبهذا ادخل التاريخ بعد ان اصبح احد انجازاتهم العتيدة ....

وبعد هذا اما زلنا نعتقد بأن الاقدار والسماء تتحكم بمصيرنا وأرزاقنا بوجود هؤلاء الاشخاص الملاعين والشبقين ....؟؟؟؟!!!

لذلك دعونا نطلقها دعوة لنحتل وول ستريت بل لنقتلعها من جذورها ان استطعنا .. فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ....


 بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com

السبت، 2 أغسطس 2014

أحقاً إنها معركتنا ..؟؟

أتعجب كيف أننا متمسكين بالحياة على الرغم من هذا القرف السياسي والإجتماعي والإقتصادي والدجل الإعلامي الذي نحن فيه ...
حياة تتحطم فيها الآمال والأحلام والطموحات وحتى الصرخات ..

لا جديد تحت هذه الشمس .. الروتين هو أوكسجيننا والرتابة والملل هما خطواتنا ..؟؟
تتراكض الأيام وتنسل من بين أيدينا كقطرات الماء ...

ورغم كل الآلام والحسرات والإرهاصات والإنتكاسات وحتى الإنزلاقات والخيبات في حياة رتيبة من أحداث بلدان العالم الثالث وأزقتها ومتاهات شوارعها الكئيبة والتي لا تزال صورتها محافطة على إنطباعها الأول في ذاكرتنا .. فلا شيء يتغير فيها سوى المزيد من القمامة الملقاة هنا وهناك .. او أثار لتحطم وبقايا حطام وعلامات فرامل  لعجلات سيارات متصادمة تتراكض مسرعة الى عناق حتفها ...

أن يكون قدرك الولادة والعيش في إحدى مستعمرات العالم الثالث حيث لا قيمة للزمن والوقت والإنسان والمواعيد ولا إحترام للوعود التي تطلق ولا لشعب يأمل بان القادم سيكون أفضل ...

هذا من مصادفات وعشوائيات لعبة الحياة وإحتمالاتها ... لكن أن تكون العلاقات التي تجمع السلطة بالشعب والناس ببعضها البعض مبنية على الدجل والنفاق ودس السم في العسل فذلك ليس من ضرورات ومتطلبات العيش في هذه المستعمرات وأشباه البلدان ...!!!!!

وبعد كل هذا الوقت الذي أمضيناه في ربوع هذه البلدان من دون أن نشعر بأننا منتجين أو مساهمين في صنع أحدى عتبات الحضارة والإنسانية والتقدم التقني والتكنولوجي وحتى الثقافي والأدبي .. فهذا أمر طبيعي وبديهي لأن فاقد الشيء لا يعطيه فنحن لم نربّى على الأبداع ومنطق العمل والشك والإبتكار وإنما على أسلوب القمع والإقصاء .. وقول الحمد والشكر ... على كل النعم حتى ولو كانت سمّاً زعافاً ..؟؟

لقد تم تدجيننا وتعليبنا لنقول بأن ليس بالإمكان أفضل مما كان وأن القادم لا بد سيكون أحسن وأفضل فقط لأن ثقافة الغيب في لاوعينا تقول بأن الغد سيكون أكثر إشراقاً ومن دون الإكتراث أو الإلتفات الى أنه حتى يكون الغد أفضل فلا بد من تغيير الحاضر وبشكل جذري ومستمر ....

لأن التغيير نحو الأفضل من أجل رفاه الإنسان لا يجب أن يكون هدفاً وإنما أسلوب حياة ومنطق عمل علينا جعله من عاداتنا وممارساتنا اليومية الرتيبة ...بينما الهدف الأقصى هو الأنسان وصناعته وبناءه الواعي والمتجدد .
هذه العادة وعلى الرغم من رتابتها إلا أنها غير مرئية على المدى البعيد لأنها ستصنع التغيير المستمر وبالتالي سنكون أمام كل ما هو جديد ومتغيّر ....

وشيئاً فشيئاً سنبتعد عن القرف اليومي والملل والرتابة التي وجدنا بين ظهرانيها وأوجدتنا الأقدار العمياء في رحاها .. لكن لكي نصل الى هذه الحالة من الجدية في العمل علينا أن نتخلص من الكثير من المفاهيم والمصطلحات القديمة والعتيقة التي دُست في أروقة أدمغتنا وعقولنا ومنها أن نرضى بالنصيب والمقسوم والمحسوم ..!!

فتلك كلمات قد أكل عليها الدهر وشرب وكان لها وقتها وغاياتها الدنيئة التي لطالما أستعبدت الشعوب من قبل حكّامها بمثل هكذا مقولات تم إقحامها وإلباسها بعباءة الدين والسماء لتحقيق مآرب دنيوية حقيرة وخطيرة علينا جميعاً ...

قد تكون ظروف الجغرافيا من أماكن وبلدان هي واقع مفروض قد لا يتسنى لنا تغييره لكن الشروط والظروف والعلاقات التي تحكم تلك الأماكن والبلدان ومدى تأثيرها وتفاعلها مع الناس يمكن تطويرها وتحسين شروطها والحد من تحجيمها وتصغيرها للإنسان ... وهنا تكمن معركتنا الكبرى ......المعركة بين ما فُرض علينا وما نريده ونطمح إليه..

فهل نحن مستعدين ومهيئين لهكذا معركة ...!!!!
هذا هو السؤال الذي ينتظر إجاباتنا ....؟؟؟؟؟


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com