الاثنين، 16 يونيو 2014

لا تخجل فأنت ملحد...

 

 الإلحاد برأيي هو موقف إيجابي أكثر منه سلبي كما يظن الكثير من الناس لأنه في المقام الأول هو حرية أختيار لأمر ما ... وثانياً هو رفض لنوع من الإستبداد الفكري والعقائدي الذي تمارسه السلطة الأبوية او الدينية في توريث الثقافة الدينية وبالتالي إن الذي يحصل هو الأتي إننا نرث ثقافتنا الدينية كما نرث أسمائنا او نرث لون عيوننا او هيئة شعرنا وطول قامتنا .... فأين دور العقل والإرادة في إختيار ما نريد أن نكون عليه وبالتالي الشخص المتدين او المتشدق بالتدين ما هو إلا شخص من صنع الأخرين ومسلوب الإرادة وخاصة أن التلقين يتم في مراحل مبكرة من العمر وبذلك يصعب معه رؤية الألوان الأخرى او الثقافات المختلفة ومع مرور الزمن يصاب الشخص المتدين بنوع من التكلس الذهني والرعونة في الأخذ والرد ومع تراكم الفجوة بين المتدين الى حد التطرف وبين الأخرين يتحول رويداً الى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت متى توفرت لها الأسباب والشروط الموضوعية والظروف المادية ...

لكن في المقابل نرى الملحد او اللاأدري شخص منفتح على كل الأراء والثقافات وهو غيرمتعصب الى تيار فكري او ديني محدد وهو بطبيعة الحال أكثر ليونة ومرونة في التعامل وبالنتيجة لا يمكن أن يتحول في يوم من الأيام الى قنبلة موقوتة آخرى كما رأينا في المثال الأول حتى إنني أكاد أجزم أن أحد منّا لم يسمع او يرى لا على الأرض او على شاشات التلفزة او عبر مختلف وسائل الإعلام أن احد العلمانيين او الملحدين قد فجر نفسه في سيارة مفخخة او قام بحمل السلاح في معركة فكرية طمعاً بالشهادة او إعلاءاً لكلمة الرب القابع في السماء ...أو إنتقاماً وتشفياً من الأخرين لسبب ما او لشعوره بالنقص أو الدونية ...!!

من هنا نرى الفارق بين النتيجتين في كلتا الحالتين فالأول يتحول الى أداة للقتل والعنف والإرهاب والإنفجار والإنشطار ... والثاني يتحول الى انسان مدني عقلاني متحضر بشرط أن يلتزم بمبادىء حقوق الإنسان والعدالة واحترام القوانين التي من صنع البشر والقابلة للتعديل والتبديل بأي وقت اذا ما اصبحت عائقاً في وجه التقدم البشري والعلمي ....

قد يعتقد البعض إنني ضد الأديان بشكل مطلق ... هذا فيه تجني ومبالغة  ولكن الموضوع يحتاج الى القليل من التمحيص إن الإيمان في مطلق الأحوال ينبع من القناعة فحين تقتنع بشيء ما تؤمن به ..ويكون ذلك مترافقاً بأدلة قوية وقطعية لا تقبل الشك العقلي فبغياب الأدلة القطعية لا بد لمنطق الشك والبحث والتمحيص من أن يأخذ دوره وفعله في مطلق الأحوال ...  أما في حالة شخص مثلي فالأديان بما فيها من تناقضات وإرهاصات تصيبني بالغثيان  ولكن الأمر إنني شخص أُحب أن أكون إيجابياً الى حد ما فالأديان سواء أخذت بها او لا هذا لا يلغي حقيقة أنها موجودة والكثير من البشر يعتبرها غاية الحياة ويسيير حياته على أساس خدمة الدين وإعلاء كلمته وإظهارها على بقية الكلمات ... المهم ان لا تتسبب هذه الخيارات والمواقف المتشبسة المتشنجة بالضرر للأخرين والآسى والحزن للكثيرين ....

لكن الواقع المر يعكس بخجل حقيقة إستخدام الإديولوجيا الدينية وتأثيراتها على عقول البشر المؤدلجة بطريقة التدجين والتعليب ومن ثما يتم فتح تلك العلب المنتهية الصلاحية أصلاً ليتم بها محاربة كل ما هو جميل ومتمدن وسلمي في هذه الحياة بإسم الدين والإله ..؟؟

الحل لهذه المشكلة هو بسؤال مباشر وواضح (أيهما أهم في هذا العالم الإنسان أم الأديان ) او بتعبير آخر أيهما يجب أن يكون في خدمة الأخر هل الإنسان في خدمة الأديان أم يجب أن تكون الأديان في خدمة الإنسان ؟؟؟؟؟

الجواب بسيط جداً ولا يحتاج الى فلسفة او علم فلك وكأنها معادلة رياضية بمجهول واحد من الدرجة الاولى ... الأديان وجدت او صُنعت لخدمة الإنسان أي انسان ..!!!!

لنفرض جدلاً أن الإنسان قد إنقرض من على وجه الأرض لسبب ما فهل سيتم إعمار الارض وبنائها بالأديان المقدسة او غير المقدسة ؟؟؟
ومن تراه سيقوم بإحياء الطقوس الدينية وهلوساتها المتطرفة وبهرجاتها المتصنعة ..!!

لنعكس الحالة لو أن الأرض تم تطهيرها من كافة أشكال الثقافات الدينية والمقدسة ...

فالحياة ستستمر وبكل تأكيد وسيستمر الإنسان المتمدن بالبناء والتطوير .... متسلحاً بالعلم والعقل والإرادة والأخلاق والقانون الإجتماعي القابل للتعديل والتبديل تبعاً لتطور وتعقد الحياة وتغير تفاصيلها .. واريد أن أركز هنا على مسألة الأخلاق والتي يعتقد الكثير منا أنها من صنع الثقافة الدينية لذلك يرفعون السيف والسياط في وجه كل صوت معارض لها .. لكن الحقيقة غير ذلك تماماً فالإنسان ونتيجة تفاعله مع الأخرين من بشر وطبيعة ومنظومة علاقات توصل الى مجموعة من المبادىء الاخلاقية التي تصلح لكل زمان ومكان حتى تثبت فشلها ومخالفتها للواقع بالتجربة والممارسة العملية لذلك فالأخلاق هي نتيجة طبيعية لتطور وتمدن فكر الإنسان وممارساته وسلوكياته ..

فالنتيجة النهائية والوحيدة هي أن الإنسان هو الأهم والأسمى في كل المبارزات او المقارنات ولأنه جوهر هذه الحياة ولا يعلو عليه أي مقدس او سماوي فهو الوجود واللاوجود .....بكافة تفاصيله وتجلياته ..

وبالمحصلة فعلى الشخص المتدين أن يعيد النظر ويمعن التفكير في نظرته الى المقدس وفي نظرته الى الإنسان الأخر ليعرف الفرق قبل أن يقوم بالتصرف الخاطىء ويندم اذا تبقى له متسع من الوقت للندم وتوبة الضمير ......


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54 
              e.mail:ihab_1975@hotmail.com

الجمعة، 6 يونيو 2014

قف .... الفساد أولاً.!!!!

كثر الحديث مؤخراً عن الفساد وأسبابه وأشكاله ونتائجه في المجتمع السوري على الصعيد الشعبي والرسمي وأصبح حديث الناس جميعاً في هذه الفترة العصيبة من عمر الأمة السورية وفي ظل الصراعات والإصطفافات العشائرية والمذهبية والطائفية وحتى السياسية من موالاة ومعارضة .
فالكل أصبح يتقاذف هذه الكرة من ضفة الى أخرة وكأنها أصبحت اللعبة الشعبية والرياضية الأولى في البلاد وتمر الأيام والكل يدلي بدلوه في هذا الموضوع ولكن النقطة الجوهرية أن هذه الكرة تتدحرج ككرة الثلج وتكبر حتى أنها أصيبت بالتخمة .

لا بد لنا قبل الحديث عن ظاهرة الفساد وأسبابها ومظاهرها وتجلياتها من أن نكون موضوعيين وعقلانيين في توجهاتنا وتفكيرنا ونظرتنا الى الأمور .. فأي نشاط أو سلوك بشري عام كان أو خاص فردي او عمومي بإعتباره يتعامل مع الناس بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم وأنماط تفكيرهم سيكون له نتائج على الصعيد العام والخاص وهذه النتائج لن تكون مرضية وإيجابية بشكل كامل من قبل المجتمع  وسيكون لها مؤيدين ومعارضين..

فلكل عمل ونشاط إنساني لا بد من هدف يتم السعي لتحقيقه خلال فترة وضمن برنامج عمل وطني هذا ضمن نطاق العمل المؤسساتي والحكومي وبالتالي بقدر ما نكون إيجابيين وواقعيين في تعاملاتنا مع العمل الخاص والعام بقدر ما نبتعد عن الفساد بشكل أو بأخر .
وبنظرة شاملة لأسباب الفساد وتجلياته نرى أن له العديد من المسببات والمسوغات التي ينمو ويترعرع من خلالها :

- الفساد الأخلاقي وهو من أولى أسباب الفساد فالمنظومة الأخلاقية للفرد والأسرة والتي تعتبر الخلية الاساسية للمجتمع أذا لم تكن محصنة وعلى درجة من الوعي والحس الوطني بالمسؤلية وهذا يتم بناءه عبر العديد من الوسائل والتدابير المتلاحقة والمستمرة ومنها تغيير العقلية التي تدار بها المؤسسات التعليمية في البلاد والعمل على تلقين الأجيال الناشئة مناهج تربوية يكون برنامجها الرئيسي هو زرع الحس الأخلاقي والنزعة الى السمو والرقي في التعامل بين الانسان والأخر إضافة الى تنمية وتشجيع الشعور الوطني والولاء للوطن والبلاد وليس تقديس الأشخاص والزعماء ..
أيضاً على الأجهزة الأعلامية  ووزارات الثقافة والتعليم والمؤسسات التربوية وفعاليات المجتمع المدني والأحزاب الديمقراطية ان تلعب دوراً فاعلاً في تنمية الوعي الشعبي بتسليط الضوء على الفساد والمفسدين وإظهارهم كأشخاص منبوذين إجتماعياً .

- وبالحديث عن الفساد السياسي حدث ولا حرج فالوضع الذي نعيش فيه الأن بما يحتويه من متناقضات ما هو إلا نتيجة سياسات الإقصاء والتفرد في السلطة وإدارة أجهزة الدولة بطريقة ريعية بإعتبار الدولة وكأنها جابي للضرائب تعمل على جني المحاصيل بطريقة بدائية وتوزيع تلك الغنائم على رجالها وعمالها  لتحقيق مكاسب رجالات الدولة على حساب حقوق المواطن صاحب الحق الأصلي ..
فغياب التوازن السياسي بين حكومة تحكم ومعارضة تعارض وتشير الى مكامن الخطأ وتكشف أساليب الهدر سرقة المال العام هو ما كرس سياسات الفساد لعقود عديدة حتى أصبحت ظاهرة الفساد ثقافة من الثقافات .

- والفساد الإقتصادي ليس ببعيد عن توأمه السياسي فعبر التاريخ كلنا يعلم هذا التزاوج الكنسي بين الاقتصاد والسياسة فكل منهما هو نتيجة للأخر وبنفس الوقت هو مسبب له فالفساد السياسي سينشىء طبقة وحاشية من رجال الأموال التي تمتص اموال ودماء البلاد والعباد وبالمقابل هذه الطبقة الأقتصادية وصاحبة رؤوس الاموال بما لها من ثقل وتأثير تستطيع السيطرة والتغلغل في الطبقة السياسية وحرف مسارها لتحقيق مصالحها ومكاسبها وكل ذلك على حساب الشعب والمواطن البسيط وقوت يومه وحتى أحلامه .

- والفساد الإداري سيكون النتيجة الحتمية للفسادين السياسي والاقتصادي فمع وجود سياسات خاطئة وعشوائية ومنحازة الى صفوف الفئة القليلة أي أصحاب رؤوس الاموال على حساب الغالبية الساحقة من أبناء الشعب إضافة الى القوة والنفوذ والتأثير الذي يلعبه المال في زرع حالة من الأحباط والتململ وعدم الشعور بالرضى بسبب الوضع المشوه والغير طبيعي الذي وصل اليه البلد والمواطن وبذلك شيئاً فشيئاً ستضعف الرقابة الذاتية الأخلاقية لدى الفرد والمواطن أينما كان موقعه وبالتالي سيلجأ الى الأنحراف والاختلاس والسرقة والرشوة عبر التلاعب بين ثغرات القوانين والتعاميم والبلاغات ..

فالفساد هو حالة تراكمية وسلسلة متوالية أصبحت تثقل كاهل الدولة والفرد على الحد السواء وهي كالأمراض السارية التي تصيب الجسم البشري لذلك للتخلص من هذه الظاهرة لا بد من إتخاذ خطوات جدية وجريئة ومنها :

فعلى الصعيد السياسي لا بد من إعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة السياسية ومن أهمها قانون الأحزاب فالقانون الحالي لا يلبي الغاية المطلوبة ويحتاج الى تطوير لتحقيق أكثر عدالة ومساواة لكافة القوى السياسية الموجودة والتي ستنشىء مستقبلاً إضافة الى وضع دستور جديد وعصري ويكون أقرب الى المدنية ومنطق الدولة الحديثة يعمل على تكريس الحس والواجب الوطني وتنمية شعور الفخر والولاء للبلاد أولاً وآخراً..

وعلى الصعيد الأقتصادي تبدأ هذه الخطوة بالمحاسبة الجدية والعلنية لكل المفسدين والمتلاعبين بأموال الشعب ومصير البلاد ورفع الغطاء وتعرية هؤلاء مهما كانت مواقعهم وإنتمائاتهم وإرتباطاتهم  لتحقيق مبدأ الردع العام طالما الغاية والهدف هو المصلحة العامة للبلاد والعباد والعمل على إلغاء الإحتكارات الإقتصادية التي تقضي على طبقة التجار الصغار والمتوسطين ..

إعطاء دور فاعل وأكبر للسلطة التشريعية وذلك عبر إنشاء مجلس أخر رديف بمجلس الشعب طبعاً لن نقف عند التسمية ؟؟
ويكون لهذا المجلس سلطة الرقابة والإشراف والمتابعة لكافة القوانين والتشريعات التي تصدر عن مجلس الشعب والتي تقوم الحكومة بترجمتها الى برامج عمل وقرارات إدارية وفي هذه المرحة بالتحديد تتم تميعة القوانين والقفز عليها عبر ما يسمى بالبلاغات والتعاميم والتعليمات التنفيذية لنصل الى نقطة تصبح فيها أن السلطة التنفيذية هي من يسن ويشرع ويعطي الحقوق

لذلك فأكذوبة فصل السلطات أنا لا أؤيدها على إعتبار أن السلطة الوحيدة التي يجب أن تحكم في البلاد هي سلطة الشعب وهذا يتطلب أن يقوم الشعب عبر ممثليه بالتدخل في كل شؤون ومفاصل الحياة بما فيها عمل السلطة التنفيذية والتي يفترض أن تعمل لخدمة الشعب لا لخدمة مصالح فئة ضيقة وهذا يتم تحقيقه عبر مجلس موازي لمجلس الشعب كما أسلفنا ويكون رقيباً على أعمال الحكومات وعلى صلة مباشرة بالناس والأعلام ..

وبهذا ستكون السلطة التنفيذية تحت الأضواء ولن تعمل في الظل والخفاء ولن تتشدق وتتحجج بحجج وذرائع فارغة تملأ بها رؤوس الناس لتبرير فشل سياساتها وعجزها وبالتالي هذا يفترض أن من يمتلك البرامج والآليات التي تلبي رغبات المواطنين وتحقق لهم متطلباتهم من دون منة أو تكلف ستظهر وبشكل حر وديمقراطي لأن الأصلح والأقدر على العمل سيكون هو المدعوم شعبياً وجماهيرياً ..

أما على الصعيد القضائي فلا بد من إعطاء القضاء الدور الحقيقي والريادي المسلوب منه لصالح المؤسسات والجهات الأمنية والتي مارست عبر عقود سياسات الرعب والإرهاب الفكري والإقصاء القانوني حتى أفرغت القضاء من جوهره وبات القاضي يخاف على حياته ومستقبله ولم يعد مستقلاً بقراراته إضافة الى ضعف الدعم المادي فالقضاء مهمة ليست سهلة وإنما هي من أصعب المهمات والخدمات الإجتماعية ولا بد لقطف ثمارها بشكل صحيح من إعطاءها حقها الطبيعي ..

ومن جانب أخر لا بد من القول إن هذه الحلول مجتمعة ستؤدي لاحقاً الى تحقبق وفر في السيولة النقدية والتي ستنعكس على الحالة المعاشية للمواطن العادي والذي بدوره سينعكس من قبله على عمله وواجبه وعلاقته مع إدارات الدولة ومؤسساتها وبذلك سنصل يوماً ما الى الوضع الطبيعي والحقيقي للأمة السورية والتي نتمنى دائماً أن نراها في أفضل حال ولكن المهم أن نبدأ الأن وليس غداً فكلما عجلنا في محاربة هذه الظاهرة والثقافة سنقطف ثمارها بشكل أسرع .. لأن الثمار والإنجازات تكون بالعمل الجاد والمثابرة ولا تأتي بالدعاء والأمنيات والتحديق بالسماء وإنتظار ما ليس آت ....


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54 
              e.mail:ihab_1975@hotmail.com