الأربعاء، 30 يوليو 2014

الوهابيين الجدد ... مرة أخرى .!!

من الملاحظ لأي شخص يتابع الأحداث السياسية المتراكدة في العالم العربي وخاصة في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أن الحلول كلما دخلت من الباب ما تلبث أن تقفز خارجاً من الشباك وهذا ليس صدفة او خبط عشواء ..

لا يخفى على الكثيرين أن هنالك العديد من الأسباب والأصابع الخفية التي تلعب دوراً أساسياً في تأزيم الصراع وتأجيج الإنقسامات والتسويق للعديد من المواقف السياسية والأيديولوجية وكل منها يتمترس خلف جيش من المبررات والذرائع .

فالإسلاميون يتشدقون بمبدأ حماية الثورة وكأنهم هم من صنعوها لوحدهم ولا أحد له الفضل في ذلك إلا هم ومن ورائهم ربهم والتيارات الأخرى المعادية سياسياً لمواقف مرسي والأخوان من وراءه يتمنطقون بمبادىء الدولة المدنية وعدم المساس بالثورة ومنع الإخوان من محاولة سرقتها .. حتى أصبحت الثورة اللعينة ككرة يتقاذفها كل طرف في هذا الصراع السياسي والأيديولوجي وكأن المقدر والمرسوم لهذه البلاد أن تتجه الى التقسيم والضعف وفقد الدور المركزي الذي كانت تلعبه (مصر) في المنطقة .. قد يعترض البعض على هذا التوصيف
ويقول بأن مصر كانت مختطفة من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها بحيث تم تحجيم دورها ..؟؟

هذا الكلام لا يجانب الصواب في الكثير من مضمونه فكلنا يعلم أن مصر لها حساباتها ومصالحها كأي دولة لها الحق في أن يكون لها مصالح وطموحات على الصعيد السياسي والإقليمي بل وحتى الدولي لكن في الأوقات العصيبة والحرجة كان لدولة مصر وعبر التاريخ دور ريادي وفاعل في المنطقة سواء أحببنا هذا الكلام او كرهناه فهذه حقيقة لا يمكن نكرانها او إجحادها ..

لكن يبدو للبعض أن هذا الدور الريادي لدولة مصر في المنطقة لم يعد مرغوباً به وقد آن الأوان له أن ينتهي ويزول.
وبالقياس على ذلك إذا نظرنا الى الأعلى قليلاً ووجهنا نظرنا الى سوريا هذه الدولة رغم صغر مساحتها جغرافياً ولوجستياً إلا أنها لعبت دوراً سياسياً وتاريخياً على مر العصور ومنذ أزمنة ما قبل التاريخ الميلادي كان لسوريا مساهمات كثيرة في المجالات الأدبية والثقافية والحضارية وحتى الروحية وصدّرت الكثير من الثقافات والأدبيات لكل الدول المجاورة حتى أنها اثرت الحضارة الغربية ولا سيما اليونانية والرومانية ..

وبنفس المقاييس والأدوات تم حرف الثورة السورية في بداياتها وأسلمتها لتغيير وجهتها وحرفها عن المسار السلمي الطبيعي وبذلك خرجت العربة عن سكتها كما يقال !!
إن الحضارة المصرية بغناها وتنوعها والحضارة السورية بتألقها وثرائها رغم ما قدماه للبشرية والإنسانية من تراث ومنظومة حضارية ومدنية إلا أن ذلك لم يكن بالشيء الحميد لأنه قد سبب الكثير من الحسد والغيرة لبعض البلاد والتي كانت تنظر بضيق العين والغيرة والشعور بالنقص والدونية تجاه تلك البلاد التي تضج بالتنوع الثقافي والحضاري .. وهنا كانت المشكلة فتلك البلاد التي تدعي الحضارة والإنسانية وتطرب أذاننا صباح مساء بمعزوفة مطلعها ( نحن من فجّرنا النور من قلب الظلام ) إنهم وبإختصار العربان ..

ذلك العقل البدوي المتكلس الذي لا ينفك يردد وبشكل ببغائي أن له الفضل على العالم والبشر بما منّت عليه السماء من عطايا وهبات وسبايا والذي لا يتقبل أن يرى أحداً أفضل منه ولو على المستوى الثقافي والمعرفي .؟؟!!

وكان هذا العقل البدوي الجلف يحاول مراراً وتكراراً على طمس وتدمير كل ما يراه متفوق عليه فهو قديماً غزى مصر الفرعونية والقبطية ودمر حضارتها بإسم إعلاء كلمة الله العليا وفقدت بذلك هويتها الحضارية والشخصية وغزى سوريا الفينيقية والكنعانية والسريانية بإسم المقدس وإغتصب إرثها الحضاري والمعرفي والروحي ..

هذا العقل البدوي الصحراوي القديم والذي يدعي الإيمان قد باع نفسه وروحه الى كل من يدفع مالاً انه كالمومس التي تبيع جسدها لقاء المال لقد تحول الى عباءة ولحية كما كان يعيش في تلك الصحراء المقفرة لقد لبس عباءة الوهابيين محاولاً بذلك إعادة أمجاده الغابرة التي قامت على سياسة الغزو والقنص وطالما شكلت له الدول والبلدان المجاورة  هاجساً أرق نومه وقض مضجعه بما تتفوق عليه من هوية تاريخية ومعرفية وبإعتبار هذا العقل البدوي والوهابي قاصر التفكير ولا يجيد لغة التخطيط والتكتيك هذا ما دفع به الى الإرتماء بأحضان الصهيونية العالمية والتي استغلت حقده ونقاط ضعفه ..

ومن أقدر منها على إستغلال الفرص فقامت بتغذية الأحقاد الدفينة والأحلام الضائعة والمكبوتة في ذلك العقل البدوي الصحراوي وإعادة تشكيل هيكلياته على أساس يدعي المدنية والحداثة  كأحزاب الأخوان والعدالة والنور... الى أخر هذه المسميات الثورية والتقدمية وقذفت به الى الساحات العامة والمدارس والبيوت الدينية حتى تغلغلوا في مفاصل الحياة كافة ..مع ضخ مالي ودعم إعلامي وتجميلي ممنهج ..

هذا الدور المرسوم لأولئك البدو الوهابيون ليقوموا بما يجيدونه .. ربما لا يجيدون غيره وتم توجيه أولاءك الغزاة الى الدولة المركزية وهي مصر فكانوا أكثر تنظيماً من بقية أفراد الشعب وأكثر إستعداداً للإنقضاض على مسار الثورة والتغيير
وبذلك يتم إصطياد عصفورين في حجر واحد كما يقال الأول هو إضعاف دور مصر الحضاري خدمة لأسيادهم وأولياء نعمتهم والثاني ذلك الحلم البدوي القديم في السيطرة على مصر التاريخ والفراعنة وأرض الكنانة .. وتحطيم تفوّقها ..!!

وفي شقيقتها سوريا أيضاً نلاحظ ظهور الطوفان الوهابي ذو العقلية الصحراوية البدوية التي لا تعترف بحضارة او مدنية إلا الحضارة البدوية والصحراوية القاحلة ممثلاً وحيداً للبشرية وهي أسلوب الحياة الأمثل والأرفع شأناً والذي علمته الالهة البدوية لذلك الرجل البدوي لطمس كل معالم وحضارة الألهة السورية التي شكلت عبر التاريخ مع الألهة المصرية القديمة كابوساً ومأزقاً حقيقياً لذلك الإله البدوي الصحراوي الذي يشبه الى حد كبير رجاله وغزاته الصحراويين الذين انتشروا كالطفيليات والجراثيم ..

لا بد من الإعتراف بأن التحدي والخطر كبير لذلك فالمواجهة والمسؤولية يجب أن تكون أكبر ؟؟ لذلك علينا أن نعي هذه الأطماع والمخططات الشيطانية التي تعصف في بلادنا .. يجب الوقوف وقفة رجل واحد في وجه هذا الغزو الإستعماري الجديد الذي يتخذ شكل الإستعمار الفكري والعقائدي بكافة أشكاله الوبائية والمرضية ولنكن على ثقة أن هذه البلاد التي كانت عبر التاريخ منارة للحب والعلوم والمعارف والخيال والإبداع ستنتصر على منطق البداوة صاحبة الأفق الضيق والنظرة الدونية والفكر الإقصائي والتكفيري .. هذا هو خيارنا ومصيرنا وإلا لن تقوم لنا قائمة بعد ذلك ...


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com        
 

السبت، 26 يوليو 2014

إغتراب العقل ..!!

إن نظرة أي فرد منا الى نفسه والأخرين والمحيط الخارجي والى الحياة والوجود بشكل عام تحددها مجموعة عوامل ومعطيات منها المادي والروحي والثقافي والإجتماعي والبيئي إضافة الى تفاعل الشخص مع محيطه من أصدقاء وعائلة وعلاقات عمل ونشاطات فردية او جماعية ..

لكن العامل الأبرز واللاعب الأخطر في جملة هذه المعطيات والعوامل هو العقل والفكر فهو من يقوم بهضم وأرشفة وتصنيف هذه العوامل والأسباب والمسببات وإعطاءها الأولوية او الثانوية من حيث الأهمية والتأثير وبذلك يكون له التكوين الحقيقي للشخصية المنفردة ومدى تمايزها ودرجة الوعي في التفاعل مع المحيط الخارجي .

وبنظرة فاحصة ومتأنية لهذه الظروف والعوامل والمسببات نلاحظ التأثير الأكبر للعامل الروحي ومن بعده البيئي والإجتماعي على شخصية الفرد التي تنعكس بدورها على وجوده في المجتمع .؟؟

فالفرد منا وقبل تحوله الى شخص له شخصية تميزه عن الأخرين ومنذ نعومة أظفاره يكون عجينة لينة وعقله عبارة عن لوحة فارغة وبيضاء يكتب عليها السيء والجيد والرديء والمثالي من الأفكار والمعطيات والمفاهيم والأخلاق بإعتبار هذا الفرد عجينة خام وطرية تكون متأثرة ومستقبلة لكل شيء وهنا تكمن الخطورة وتتجلى الحساسية والخصوصية في هكذا موضوع .

فما يتم زرعه وغرسه من أفكار إيجابية وبنّاءة ستنعكس إيجاباً على تكوين شخصية متوازنة وفعّالة في المجتمع والحياة العامة وعلى شخصية الفرد وحياته الخاصة   .

أما في حال زرع وبث أفكار سلبية ومشوهة ومغلوطة فستنعكس سلباً وتعطينا شخصية مهزوزة وكئيبة وسلبية ومهمشة ستكون عالة على الفرد والمجتمع ككل .

وأكثر هذه العوامل والأسباب تأثيراً وإعمالاً وتفعيلاً هو العامل الديني والروحي والذي له تأثير كبير على حياة الفرد ومن وراءه المجتمع فالأفكار والعقائد المغلوطة والمتطرفة ستعمل عملها في وعي ولاوعي هذا الفرد او ذاك وستعمل عملها السلبي والتخريبي والتهديمي في الفكر .. ليشب هذا الفرد وهو يحمل برنامج فيروسي خطير ويعاني من انفصام شخصي بين ما تشربه واستقبله من أفكار وعقائد سلبية ومشوهة وأُحادية الجانب وشمولية التوجه ستنعكس على سلوكه وتصرفاته وأداءه وعلى تفاعله وتعامله مع الأخرين وحياتهم ومعيشتهم ..!!

فالشخص الذي يحمّل أفكار وعقائد دينية او أخلاقية متطرفة ومشوهة ومغلوطة سيكون بمثابة قنبلة موقوتة مستعدة وقابلة للإنفجار والإنشطار في وجه كل من يخالف رأيه او معتقده او سلوكه حتى .. المشوه أصلاً وسيكون بذلك آفة ومرض إجتماعي خطير سيودي بحياة الكثيرين الى الدمار والإنهيار وستراق دماء لا ذنب لها ولا إثم .

فهذا الشخص وما يعانيه من إغتراب عقلي وفكر ظلامي تخريبي هو أداة سهلة التحكم والتوجيه والسيطرة عليها وإستغلالها في مآرب ومشاريع تخريبية هدامة لأنه وبمجرد إشتداد عوده وبلوغه سيعاني من إنفصام وإغتراب فكري وعقلي بين ما تربى ونشأ عليه وما يعيشه في  خضم المجتمع والواقع وسيتولد لديه إعتقاد بأنه ولدَ في المكان والزمان الخاطىء وسيكون هدفه الذي سيسعى الى تحقيقه هو تصحيح الوضع القائم والذي يعتبره خاطىءً بأساليب عنفية وقمعية وإقصائية ..

فهو لن يقبل الحوار والنقاش في أمور يعتبرها بديهيات ومسلمات زرعت في فكره منذ صغره وفي غفلة من الزمن لأنه لم يُربّى على تقبل ما هو مختلف ومغاير عنه او عن أفكاره وسلوكه فهو فاقد للمرونة في التعاطي مع الأمور والظروف والأوضاع المتغيرة والتي هي من طبيعة البشر والحجر ..

وهنا تكمن المشكلة والطامة الكبرى فشخص كهذا يحمل أفكار وعقائد تتلائم مع عصور الجاهلية وعصور ما قبل التاريخ والتي لا تتلائم  او تتناسب بأي شكل من الأشكال مع ظروف ومعطيات هذا العصر الحديث بما فيه من تطور هائل للعلوم والمعارف والتجارب والأفكار وحتى المعتقدات والمسلمات ..والفضائل ..؟

والنتيجة ستكون أمراض خطيرة يعاني منها المجتمع ويدفع ثمن فاتورتها الناس البسطاء الأبرياء والتي لا ناقة لها ولا جمل في ذلك سوى أنها تشربت وأُشبعت بمعتقدات وأفكار تُحدثهم وتُخبرهم أن هذا من عمل السماء وأن القدر لا بد سيعمل عمله في مصائر البشر ...!! مع أن العمل بخيره وشره بسلبياته وإيجابياته هو عمل الإنسان بأخيه الإنسان سلباً او إيجاباً .. بناءاً او تهديماً  .

فالمقدمات الخاطئة حتماً ستؤدي الى نتائج خاطئة وربما كارثية لا محالة هذا هو منطق الأمور والأحداث والتاريخ مليء بشواهد على ذلك لا مجال للحديث عنها ههنا ..

وبعد أن تحولت حالة الإغتراب العقلي والفكري الديني المتطرف الى حالة جماعية وظاهرة عامة لا بد من التصدي لها بحزم وجدية .. والحل برأيي المتواضع هو إعادة النظر الى مفاهيم دينية متأصلة في وجدان المتدينين ... كمفهوم الجهاد في سبيل الله ..

لا بد من تسليط الضوء على هذه التصرفات والسلوكيات التي تُنسب الى الجهاد ومبدأ الثواب والعقاب عبر تحديث نظرة الإنسان الى الجهاد وإعتبار الجهاد هو في سبيل الإنسان الأخر في هذه الحياة .. والجهاد الحق هو عمل ما هو في صالح الإنسانية والبشر ككل وهذا بدوره يتم عبر تكريس الوعي الإجتماعي والحس الأخلاقي عبر مؤسسات الدولة والمجتمع والإعلام لنشر ثقافة الوعي ونبذ التطرف بكافة أشكاله الدينية والسياسية والعقائدية كافة ..

ومراقبة دور العبادة والمناهج التربوية الدينية والعمل على إبعادها عن الحياة العامة وإبعاد وإقصاء كل فكر تطرفي وظلامي وتخريبي يعمل عمله في الخفاء للحد من هذه الظواهر السلبية حتى نصل بالمجتمع الى حالة من الوعي الوطني يكون الولاء فيه للوطن والإنسان قبل الديانة والطائفة وحتى الآلهة ... مجتمع يحترم الإنسان وحقوقه ومبادئه وحق الأخر في الإختلاف عنا والإعتقاد أيّما يكن ( عملاً لا قولاً ) والتعامل بمرونة مع الوقائع والأحداث حتى لا نصل الى مرحلة لا يمكن تداركها او تحمل نتائجها الكارثية ..
وبذلك نكون فقدنا وجودنا وذواتنا وشخوصنا ..


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com        
 






الجمعة، 18 يوليو 2014

ثقافة الغيب ... ثقافة أوف لاين

عند النظر الى ثقافة الانسان العربي والشرقي تحديداً نلاحظ الكثير من التأثيرات الدينية والاسطورية والتراث القديم المتراكم في العقل اللاواعي الجمعي فهي مزيج من ثقافة البدو وثقافة الانسان القديم وخاصة بلاد الشرق الاوسط وبلاد ما بين النهرين وهي ثقافة غيبية بكل المقاييس لا تعتمد على التجربة والبرهان المادي والعقلي ..

لنأخذ مثلاً ثقافة او مصطلح الخير عند تلك الشعوب فقد ارتبط بالعديد من الاحتياجات المادية اليومية للبشر ومنها خاصة امرين اساسيين الا وهما الخبز والمطر حيث كان لهما دلالات رمزية عديدة مازالت حتى عصرنا هذا تعتبر من ثقافة الانسان الذي يتفاخر بتمدنه وسعة إطلاعه .
فالمطر هو رمز الخير والعطاء وبالتالي كل مطر هاطل من السماء العليا لا يحمل الا الخير المطلق لأولئك العبيد المساكين (سكان الارض) وهذه المعتقدات تم توارثها من الديانات الخصيبية في بلاد ما بين النهرين اضافة الى الثقافة البدوية التي كان هاجسها البحث عن الماء وبذلك تمت الاشارة الى المياه وتحديداً المطر بالخير ..

فاصبح المطر يرمز الى الخير المطلق رغم ما قد يحمله من كوارث واعاصير وفيضانات مدمرة (تسونامي )قد تدمر البلاد والعباد بأسرها فالمطر في الثقافات والديانات القديمة هو الخير الذي يرسله رب الامطار والخصب (تموز او بعل او يهوه او ...) ليلقح الارض الانثى وينعم عليها بفضائله..
مازالت ثقافة المطر (الخير ) موجودة في كل الديانات حتى السماوية او الفضائية حتى يومنا هذا مع العلم ان العلوم الحديثة قد قالت كلمتها في هذا المجال فالمطر هو ظاهرة طبيعية تحدث عند تبخر مياه البحار والمحيطات وتتحول الى بخار الماء وتصعد الى طبقات الجو العليا وتتكثف على شكل غيوم مشبعة بالأبخرة وبعدها تبرد وتتساقط على شكل امطار وهي بذلك تهطل على الاخيار والاشرار على حد سواء ولا علاقة لارادة السماء بذلك ..
كذلك الرعد الذي كان يعتقد انه صوت الاله الغاضب على البشر بحيث يستخدمه للانتقام من خصومه السياسيين والغير تابعين له في اهواءه وهو الاخر ظاهرة فيزيائية تحدث نتيجة تلاقي شحنات كهربائية سالبة واخرى موجبة وليس صوت الرب الغاضب على عبيده .

اما بالنسبة لصديقنا الخبز فله قصة طويلة فهو يرمز الى الوفرة والامن والاستقرار وبالتالي الى الخير من الوجه الاخرللقضية لناخذ المثال التالي والبسيط وهو يصادفنا بشكل يومي .. عند مرورك في الطريق قد ترى العديد من الفضلات المرمية على الارض ولتكن خبزاً وتفاحاً وقطعة شوكولا او بسكويت .. فالتصرف اللارادي واللاواعي من الانسان المتدين او العربي المحمل بثقافة الغيبية والقدرية المتوارثة وبشكل تلقائي يلتقط قطعة الخبز بإعتبارها نعمة اي (خير) ويهمل او يتغاضى عن بقية المواد الاخرى الملقاة على الارض رغم ما تحمله من قيمة غذائية في اغلبها انفع وافيد من الخبز ومن الثقافة التي تحملها لكن الذي لا يعيه هذا العقل المتكلس هو ان الخبز ومن وراءه القمح هو المقصد فللقمح دلالة رمزية في الموروث الشعبي القديم والمقدسات السابقة فهو رمز للوفرة والعطاء المقدس التي باركتها الالهة القديمة وذلك نتيجة طقوس العبادة المقدسة والجنسية التي كانت تمارس من قبل اتباع تلك الديانات تقرباً للالهة من اجل كسب ودهم ورضاهم حتى يباركو محاصيل القمح التي كانت مصدر عيشهم وقوت يومهم بعد استقرارهم في مجتمع زراعي وهجرهم لاعمال الصيد والقنص ..

وقد بقيت تلك الثقافة الموروثة بعد اختراقها العقائد والديانات السماوية والفضائية في اللاوعي والعقل الجمعي للبشر وتنتقل من جيل الى أخر ونرى العديد من دلالاتها واضح المعالم (فالمسيح جسده يرمز الى الخبز والاسلام ضرب الامثال في حبة القمح واليهود ومأثرهم العجيبة وقصة نبيهم يوسف مع سنابل القمح ..) الى اخر ذلك من حوادث ومواقف درامية عجيبة ..

ان هذه الثقافات والافكار التي تسربت الى عقول البشر وانتقلت كما تنتقل الصفات الوراثية بحيث اصبحت تشكل ملامح شخصية اساسية في كيان الانسان .. انها كالوهم او المرض الذي يعشعش في الجسد والعقل رغم ان البعض يعلم حقيقتها ومكانتها الا ان الاصرار والمكابرة على اعتناقها رغم عدم صحتها يرجع الى سبب رئيسي هو نرجسية العقل البشري المشبع بالافكار الدينية الغيبية التي تعتمد على الاسطورة في بنائها الدرامي والذي لا يقبل الاعتراف بالخطأ حتى لا يقع ضحية وهم وسراب لطالما كان يشكل له أماناً وموطىء قدم يحميه من ضياع الشخصية التي لطالما اعتادت الأتكالية ..
علينا النظر الى الامور من منظار أخر ألا وهو الانسان فالانسان هو مصدر الخير او الشر لان الافعال التي تصدر عنه تكون خيَرة بقدر نفعها للناس وشريرة بقدر تسببها بالضرر للاخرين ..

يجب عدم إلغاء دور الانسان في تقييمنا للامور على اساس الخير او الشر فبالنهاية هذا وصف اخلاقي وتقييم موضوعي للعمل الانساني والمعيار هو النفع او الضرر الناتج عن ذلك وهذا بدوره يشكل نقطة انطلاق للبناء عليها في اعادة تشكيل المفاهيم للحكم على الناس بغض النظر عن توجهاتهم الدينية او الغيبية التي لا تنفع ولكن قد تضر في اعاقة مسيرة التطور الحضاري والانساني باستخدامها لأدوات وأليات عفى عليها الزمن واصبحت من الماضي البعيد ولا تلائم عصر العلوم الحديثة..


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
             
              gimail:ihabibrahem1975@gimail.com
 

الاثنين، 7 يوليو 2014

خطوة الى الأمام ..!!

في البداية وقبل الحديث عن اي موضوع يتعلق بالسير نحو الامام لا بد لنا من ادراك حقيقة ثابتة الا وهي ان علينا اصلاح نمط التفكير قبل المضي في اي عمل سواء اكان سياسيا او فكريا او اجتماعيا فالافكار المسبقة والمعلبة والجاهزة التداول لا بد من اعادة صياغتها وهيكليتها حتى نخطو الحطوة الصحيحة فالمقدمات الصحيحة تؤدي الى نتائج سليمة وبالتالي قبل المضي في اي حوار مع اي شخص او جهة ما لا بد لنا من الاعتراف بالاخر وهذا بدوره يقودنا الى حقيقة اخرى الا وهي حق الاخر في الاختلاف عنا في طريقة تعاطية للامور وطريقة تحليله للوقائع .

طالما كانت لا تتخذ طابعا عنفياً واقصائياً وبهذا نكون قد اسسنا لارضية مشتركة للحوار تكون قاعدة للانطلاق في اي نشاط انساني يكون الهدف منه الفائدة للجميع وهذا بدوره يدعم ركائز وقواعد التشاركية التي يجب ان يبنى عليها اي مجتمع او امة ما فنحن لسنا الوحيدين الذين نمتلك الحقيقة الكاملة وبالتالي لسنا الوحيدين الذين لنا الحق بالتعبير عن افكارنا وارائنا فقط كنتيجة لتميزنا او لافضليتنا بالعيش فهنالك العديد الذين نتشارك معهم الهواء والسماء والنجوم ذاتها وبالتالي كما لنا الحق في ابداء اراءنا للاخر الحق في التعبير عن اراءه مهما كانت هذه الاراء او الافكار غريبة عنا فغرابتها لا ينفي وجودها او عدم قابليتها للوجود وبالتالي على كل شخص ان يكون مستعدا لتقبل اي فكر مهما كان غريبا عن نشأته او توجهاته طالما كان هذا الفكر بناءا وخلاقا حتى ولو خالف قناعاتنا فالنتيجة التي اسعى الى ترسيخها هي ان الافكار يجب ان تكون في خدمة الانسان وليس الانسان في خدمة الافكار

لاننا قد نصطدم ببعض الافكار المتطرفة التي يخشى من تحولها الى ايديولوجيا قد يساء استعمالها وبالتالي نتحول الى عبيد في خدمة هذه الافكار وخدمة من هم ورائها وبدون ان ندري نصبح ادوات والات جاهزة للانفجار في وجه كل من يعارضنا او يخالفنا في الرأي وبهذا نتحول الى عقبة في وجه اي عملية بناء حقيقية ونصل بذلك الى نقطة اللاعودة وتفرض علينا معركة هي بالطبع ليست معركتنا ولا هو موقعنا الذي اردنا ان نتخذه في هذا العالم المتسارع التطور

ونصبح فجأة خارج سياق التاريخ والحضارة ونكون بذلك القينا بانفسنا الى التهلكة من دون ان ندري او نقصد وهذا ما يؤكده قولي السابق ان المقدمات الخاطئة تؤدي حتما الى نتائج خاطئة وقد تكون كارثية في اغلب الاحيان لذا علينا التحلي بالمرونة وقابلية التغير وتطوير كافة معتقداتنا بحسب تغير وتطور الواقع المعاصر والذي يقدم لنا في كل يوم امورا جديدة تفرض علينا ان نواكبها وان نسعى الى ان نكون سباقين في نظرتنا ورؤيتنا الى الحاضر والمستقبل حتى لا نصطدم بواقع مر وقاسي وبالتالي نصبح هامشيين ومنبوذين ونخرج من حسابات الاخرين بطريقة او باخرى ....


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54 
              e.mail:ihab_1975@hotmail.com