السبت، 4 أكتوبر 2014

خط الوسط.. في كل مكان

قد يبدو هذا العنوان مألوفاً للكثيرين فخط الوسط التقليدي هو ما نعرفه في ملاعب كرة القدم وما له من أهمية في صنع الأهداف وإيصال الكرة الى قلب الهجوم والذي بدوره يقوم بترجمتها الى أهداف تلهب المدرجات وتعلن ذلك الهداف نجماً وصاحب كاريزما لدى العامة ..
ولكن وبنظرة فاحصة للأمور نرى أن خط الوسط هذا لا ينطبق على لعبة كرة القدم فقط وإنما له العديد من المساهمات والتأثيرات في كافة نواحي الحياة .

فعلى الصعيد السياسي إن خط الوسط هم أولئك الجنود المجهولين الذين يحيطون بالقادة والزعماء السياسيين ويكون لهم الدور الأكبر في صنع ذلك الزعيم أو القائد أو المخلص كما يحلو للبعض أن يسميهم فهم مجموعة من المستشارين السياسيين والقانونيين وخبراء في الشؤون الإجتماعية والأمنية ودراسات علم النفس وخبراء في فن الإعلام والبرمجية اللغوية العصبية تتظافر جهودهم مجتمعة معاً لخلق نتيجة واحدة بعينها ألا وهي صنع الأشخاص أصحاب الكاريزمات والهالات الشعبية إضافة الى صنع القرارات الهامة لأولئك الاشخاص وهذا بدوره يعطي إنطباعاً عاماً لدى كافة الناس والشعب بأن هؤلاء الأشخاص والزعماء هم قادة إستثنائيون وتاريخيون بإمتياز وتتم إحاطتهم بهالة إعلامية وشعبية وحالة فكرية إبهارية تضعهم في مصافي الألهة والملائكة أو ما شابه ذلك وهذا على الحد السواء في البلاد المتخلفة أو المتقدمة ولكننا نلمس تأثيرها أوضح في بلداننا العربية حيث نجد الزعيم المخلص والقائد الإستثنائي لكل المراحل ولكل المشاكل مهما علا كعبها ..

وعلى الصعيد الديني نرى دور خط الوسط فاعلاً ايضاً فله دور كبير في تسويق هذا الزعيم الديني أو ذاك فأولئك الأشخاص بما لهم من حنكة إجتماعية يساهمون في خلق هالة من القدسية وحالة من التنويم المغناطيسي عبر بث إيحاءات وقصص وأخبار عن ذلك الزعيم الروحي تعطي إنطباعاً شعبياً بأن لهذا الشخص قيمة روحية أو أيديولوجية على الصعيد الشعبي والديني وبالتالي يجب إتباعه وسماع خطابه العقائدي بما فيه من أخطاء ومغالطات كبيرة وكثيرة لا تمت للعقل أو المنطق بصلة لذلك نرى المؤسسات الدينية على إختلاف توجهاتها ومشاربها تستخدم العديد من هؤلاء الأشخاص ليقوموا بالتسويق والإعلان عن الخطاب الديني بشكل إحترافي لتبقى لهم المكانة الإجتماعية والدينية والتي لطالما استخدموها في امتصاص دماء البشر وعَرقهم والمتاجرة بمستقبلهم بإسم الدين والعقيدة فهم لا يجيدون إلا هذه المهنة وبالتالي بإنقراضها سوف ينقرضون ويندثرون وتتحرر الشعوب المخدرة والمنومة مغناطيسياً من آفاتهم وجشعهم ..

وعلى الصعيد الإقتصادي سواء محلياً أو عالمياً فإن لخط الوسط دور خفي وضبابي في رسم سياسات إقتصادية وإنتاج قرارات تعمل على خلق وقسم المجتمعات الى طبقات متناحرة بين أغنياء وفقراء وبين دول عالم متقدم وأخرى متخلفة فالقرارات الإقتصادية السلبية تعمل على تكريس سياسات الفساد والإحتكار وبالتالي التبعية والأذعان وقد تعمل من ناحية اخرى على تحريك عجلة الانتاج والاقتصاد عبر خلق وإنتاج سياسات وأليات حقيقية تعمل على إيجاد فرص استثمار حقيقية وإعادة توزيع الثروة بشكل أقرب الى العدالة الاجتماعية وبالتالي إن خط الوسط هذا يمكن أن يلعب دوراً مزدوجاً إما سلبي او ايجابي وله تأثير وتداخل كبير مع الشق السياسي السابق الذكر ..

أيضاً في الشأن الإعلامي نلاحظ دورا ً كبيراً لرجال خط الوسط في طريقة إيصال المعلومة الى المتلقي أو المشاهد أي المواطن أينما كان فبروز إعلاميين ومحطات بث عالمية ذات شعبية واسعة تصبح لها مصداقية في سبيل الحصول على المعلومة والأخبار والتحليلات السياسية هو نتيجة تخطيط وتكتيك ونظرة مستقبلية لرجال خط الوسط وهم اللاعبون الحقيقيون في كل مرحلة فهم بنفوذهم وتأثيرهم على كافة مفاصل الجهاز الاعلامي يستطيعون خلق أو حرف المزاج الشعبي أو الرأي العام نحو نقطة ما او قضية ما او حتى على مستوى التسويق لسلعة أو معلومة ما يكون لها صدى على الصعيد الشعبي والإجتماعي ..

وفي الختام أعتقد وأكاد اجزم بأن أي عملية تطوير حقيقية يجب أن تمر فيها أي أُمة او بلد ما يجب عليها أن تعتمد سياسة الفكر التشاركي والعمل الجماعي فقد رأينا ما لرجال خط الوسط من أهمية بارزة وحقيقية في كافة المجالات والميادين السياسية والإجتماعية والإقتصادية والفكرية والإعلامية وبالتالي يجب على المجتمع الذي يود النهوض والتقدم الحقيقي أن يتخذ ذلك منهجاً في أدبياته وأن يسعى لخلق جيل من الأشخاص العقلانيين والموضوعيين المفكرين والذين يستخدمون عقولهم لا عواطفهم وغرائزهم في التعاطي مع الشأن العام وبالتالي يلعبون دوراً حقيقياً في خلق دولة وأمة مدنية وعادلة عبر دخولهم في كافة المجالات الخدمية التي تمس حياة المواطن العادي وبذلك تدار البلاد من قبل أصحاب الارض الحقيقيين وأصحاب المصلحة الحقيقية ( الشعب الوطني البسيط ) صاحب الارض والمستقبل وهذه العملية تتطلب إعادة رسم الذهنية التي تدار بها أية بلد أو أمة ما بإعطاء الحجم الحقيقي لكل شخص ودوره في عملية إدارة البلاد ورفع الغطاء عن كل ما هو مقدس أو محرم من كاريزمات سياسية أو دينية والتي تم تبنيها وتسويقها كنتيجة لسياسات الفساد والإستبداد الفكري والسياسي والعقائدي والثقافي والتي بدورها ساهمت في تشويه الرأي العام الشعبي وغياب المحاكمة العقلية لدى السواد الأعظم من البشر ..


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com

https://plus.google.com/u/0/101994558326112312008/posts

https://plus.google.com/u/0/b/108194967624983296938/108194967624983296938/posts

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق