إن البدأ بالقيام بأي عمل أو نشاط انساني ما في مجتمع ما يتطلب أولاً إدراك الباعث أو الدافع الذي يحركنا لإتخاذ الخطوات العملية في أي عملية أو نشاط بشري ..
بالنسبة للأشخاص المتدينين نلاحظ ظهور الوازع الديني وهو الدافع الأساسي للقيام بالأعمال والخدمات والغاية أو الهدف الأسمى من وراء ذلك تكون إرضاء الألهة والتزلف لها أو عدم إغضابها بشكل أو بأخر أو الهروب من المصير الأسود الذي ينتظر أصحاب تلك العقول في حال إقترافهم لأعمال تندرج في لائحة المعاصي والأثام ...
لذلك فالشخص المتدين لا يقوم بهذه الافعال من منطلق الواجب الوطني أو الاخلاقي أو الشعور بالولاء والإنتماء لبلد او أمة معينة بحد ذاتها وإنما كما ذكرنا سابقاً انطلاقاً من خوف أو وهم ديني ما وبالتالي هذا المنهج أو السلوك لن يؤسس أبداً لتكريس قاعدة فكرية يمكن البناء عليها في عملية بناء الدولة المدنية والعصرية الحديثة لأن ولاء هذه الفئة وشعورها بالإرتباط لبقية البشر سيكون عبر الطائفة او العشيرة أو الجماعة الدينية التي تتبع لها.
وهذا بحد ذاته سلوك قديم وموروث منذ الأزمنة الغابرة ويذكرنا بعصور التخلف والإنحطاط ولا يتلائم مع الشكل الحديث للدولة العصرية المدنية لأن التركيبة العقلية لهؤلاء البشر ستفرض عليهم التبعية للعقيدة الدينية والإثنية قبل الولاء للوطن والأمة التي يعيشون على أرضها ويأكلون من خيراتها وبالتالي إن أي صراع او نزاع سياسي او ايديولوجي أو اجتماعي ما سيحصل في هذا البلد سيترتب عليه وقوف تلك الفئة بموقف اللامبالي من الأحداث الحاصلة طالما الطائفة والعشيرة غير مهددة أو مستهدفة وسيتم النظر الى الامور ومقاربتها من خلال أدبيات وثقافة الموروث الديني لتلك الجماعة أو الطائفة وهذا يقود وبشكل تدريجي وعبر تراكمات السنين الى الفرقة والتشتت ولا يمكن البناء عليه كما اسلفنا لان المصلحة الاولى لتلك الفئة والتي يجب تغليبها هي كلمة الله العليا ولو تعارضت مع مصالح البلاد والعباد ..
أما في المقلب الأخر فالشخص العلماني والذي يتخذ من العقل والعلم ومنهج البحث العلمي في محاكمته ومقاربته للأمور سينطلق في عمله ونشاطه سواء الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي من مصلحة البلد والأمة أي مصلحة الشعب وهي مصلحة عامة بإمتياز ويجب أن يكون لها الأولوية في كل المجالات حتى لو تعارضت مع بعض العقائد الدينية والأثنية لفئة ما في هذا البلد لأن مصلحة الإنسان برأيي ورأي المنطق والواقع هي أهم وأعمق وأسمى من المصالح الدينية لأي فئة او طائفة ما فهي لا تميز بين البشر على أساس ديني أو عقائدي وبالتالي على أساس مزاجي او غرائزي ..
إن خدمة الانسان ومصالحه وأهدافه وبالتالي خدمة الوطن والأمة من ورائها هي أسمى وأرقى من خدمة الأديان وتلك الألهة من ورائها وهذا هو حجر الزاوية الرئيسي في بناء الدولة المدنية والعصرية الحديثة لأننا نعيش في مجتمع تشاركي وبالتالي علينا حقوق وواجبات وطنية وإنسانية بالدرجة الأولى سواء اّمن البعض منا بالنظرية النسبية أو الدينية أو الدارونية كتفسير من تفاسير نشوء الحياة وظهورها على سطح هذا الكوكب ..
فالمجتمع العلماني المدني سيوفر الغطاء والحاضن والضامن لكافة أبناء الوطن والأمة على الحد السواء حيث تسود فيه القوانين المدنية الحديثة والقابلة للتطوير وإعادة البحث والنظر بين الحين والأخر بحسب تسارع الظروف والمتغيرات المادية والبشرية وبالتالي هذا سيؤدي الى استبعاد العقوبات البربرية والجائرة من نظامنا الحقوقي والقضائي وهذا بدوره سيكرس شعوراً عاماً بأن الجميع متساوون أمام القانون في العقاب والثواب على الحد السواء وبدوره سيؤدي الى إنصهار واندماج كافة ابناء المجتمع والأمة بصبغة واحدة ونسيج إجتماعي واحد ..
ايضاً البنية والهيكلية السياسية للمجتمع والدولة يجب أن تبنى وتؤسس على أساس مدني ووطني بحيث تكون مبادىء الدستور الذي سيطبق على البشر هو من صنع البشر أنفسهم حتى لا تشعر فئة ما بالغبن أو الظلم أو التهميش الذي سيشعرها بالنفور وعدم الولاء واللامبالاة وسيقودها الى الإنكماش على مرجعياتها الدينية والطائفية في تسيير شؤونها العامة والخاصة والعودة الى البدء والإنتكاس والوراء بتغليب مصالحها الفئوية على المصالح الوطنية ويصبح الوطن معها وكأنه تحصيل حاصل وهذا كنتيجة للسياسات الخاطئة والمعتمدة في رسم النظام العام من قبل العقول المغلقة والإرتجاعية.
فالحياة العامة من سياسة ومجتمع واقتصاد الى أخر ذلك .. يجب أن تبنى على أساس مدني ووطني كما قلنا سابقاً فمصادر التشريع لا ينبغي لها أن تعتمد على الشرائع الدينية والفقهية لفئة ما لأن الدولة ككيان سياسي لا يجب أن تصبغ بالصبغة الدينية فالدولة لا دين لها وهذا أمر مفروغ منه لأن الدولة شخصية إعتبارية تمثل جميع أبناءها وهذا يفرض مبدأً بسيطاً أن الكل هو مجموع كافة أجزائه بينما في الدولة ذات الشكل الديني سيظهر المختلفون دينياً وكأنهم غرباء أو ضيوف ثقيلي الظل وغير مرغوب بهم عند كل خلاف عقائدي له صبغة دينية أو نظرة مستقبلية لشكل الأمة والبلد .. اما محاولات البعض لوي عنق الزجاجة بالقول إن شريعة فئة أو طائفة ما يجب إعتمادها باعتبارها الأكثرية فهذا قول مردود عليهم لأن منطق الاكثرية والأقلية العددية هو مفهوم نسبي وليس مطلق فالأدوار قد تتغير وتتبدل وبالتالي لا يمكن بناء البلاد والتحكم في رقاب العباد على أساس هكذا مفاهيم..
فيجب أن يعلم الجميع أن العقيدة او الشريعة هي أمر شخصي وخاص بفكر الانسان ووجدانه وحده وبالتالي لا يمكن تعميمه على الجميع وإعتباره قانوناً كونياً واعتماده في كافة مناحي الحياة لأن للشريعة أوالعقيدة الدينية نواحي ومساوىء سلبية فهي تعتمد أولا سياسة إقصاء الاخر المختلف عقائدياً ودينياً ومن ناحية أخرى تقوم على فرض تلك العقيدة على الجميع بإعتبار أن اصحابها يرون فيها الحقيقة المطلقة في كل زمان ومكان ..
بينما الأسس والقواعد الفكرية اللادينية فمرجعيتها العقل والمنطق وإحترام حقوق الانسان .. أي انسان.. سواء كان متديناً أو ملحداً فهي تكفل المساواة الحقيقية وتشجع روح التنافس والإبداع بين جميع البشر إنطلاقاً من شعورهم بالمساواة والإنتماء الحقيقي للوطن والأمة قبل الطائفة والعشيرة أو الحزب وإلغاء تلك العقلية أو الذهنية التي يحاول البعض فرضها على أساس التمايز أو التفضيل الديني لفئة أو طائفة ما وبالتالي أفضليتها للحكم والقيادة على أرض الوطن لأن الهدف والغاية والوسيلة ستكون واحدة في كل المقاييس والمعايير ألا وهي الإنسان الذي في الحقيقة هو السيد الحقيقي على هذه الأرض أو ربما الإله حتى إشعار أخر ..
بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم - www.facebook.com/ihab.ibrahem.54
www.twitter.com/ihab_1975
e.mail:ihab_1975@hotmail.com
gmail:ihabibrahem1975@gmail.com
بالنسبة للأشخاص المتدينين نلاحظ ظهور الوازع الديني وهو الدافع الأساسي للقيام بالأعمال والخدمات والغاية أو الهدف الأسمى من وراء ذلك تكون إرضاء الألهة والتزلف لها أو عدم إغضابها بشكل أو بأخر أو الهروب من المصير الأسود الذي ينتظر أصحاب تلك العقول في حال إقترافهم لأعمال تندرج في لائحة المعاصي والأثام ...
لذلك فالشخص المتدين لا يقوم بهذه الافعال من منطلق الواجب الوطني أو الاخلاقي أو الشعور بالولاء والإنتماء لبلد او أمة معينة بحد ذاتها وإنما كما ذكرنا سابقاً انطلاقاً من خوف أو وهم ديني ما وبالتالي هذا المنهج أو السلوك لن يؤسس أبداً لتكريس قاعدة فكرية يمكن البناء عليها في عملية بناء الدولة المدنية والعصرية الحديثة لأن ولاء هذه الفئة وشعورها بالإرتباط لبقية البشر سيكون عبر الطائفة او العشيرة أو الجماعة الدينية التي تتبع لها.
وهذا بحد ذاته سلوك قديم وموروث منذ الأزمنة الغابرة ويذكرنا بعصور التخلف والإنحطاط ولا يتلائم مع الشكل الحديث للدولة العصرية المدنية لأن التركيبة العقلية لهؤلاء البشر ستفرض عليهم التبعية للعقيدة الدينية والإثنية قبل الولاء للوطن والأمة التي يعيشون على أرضها ويأكلون من خيراتها وبالتالي إن أي صراع او نزاع سياسي او ايديولوجي أو اجتماعي ما سيحصل في هذا البلد سيترتب عليه وقوف تلك الفئة بموقف اللامبالي من الأحداث الحاصلة طالما الطائفة والعشيرة غير مهددة أو مستهدفة وسيتم النظر الى الامور ومقاربتها من خلال أدبيات وثقافة الموروث الديني لتلك الجماعة أو الطائفة وهذا يقود وبشكل تدريجي وعبر تراكمات السنين الى الفرقة والتشتت ولا يمكن البناء عليه كما اسلفنا لان المصلحة الاولى لتلك الفئة والتي يجب تغليبها هي كلمة الله العليا ولو تعارضت مع مصالح البلاد والعباد ..
أما في المقلب الأخر فالشخص العلماني والذي يتخذ من العقل والعلم ومنهج البحث العلمي في محاكمته ومقاربته للأمور سينطلق في عمله ونشاطه سواء الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي من مصلحة البلد والأمة أي مصلحة الشعب وهي مصلحة عامة بإمتياز ويجب أن يكون لها الأولوية في كل المجالات حتى لو تعارضت مع بعض العقائد الدينية والأثنية لفئة ما في هذا البلد لأن مصلحة الإنسان برأيي ورأي المنطق والواقع هي أهم وأعمق وأسمى من المصالح الدينية لأي فئة او طائفة ما فهي لا تميز بين البشر على أساس ديني أو عقائدي وبالتالي على أساس مزاجي او غرائزي ..
إن خدمة الانسان ومصالحه وأهدافه وبالتالي خدمة الوطن والأمة من ورائها هي أسمى وأرقى من خدمة الأديان وتلك الألهة من ورائها وهذا هو حجر الزاوية الرئيسي في بناء الدولة المدنية والعصرية الحديثة لأننا نعيش في مجتمع تشاركي وبالتالي علينا حقوق وواجبات وطنية وإنسانية بالدرجة الأولى سواء اّمن البعض منا بالنظرية النسبية أو الدينية أو الدارونية كتفسير من تفاسير نشوء الحياة وظهورها على سطح هذا الكوكب ..
فالمجتمع العلماني المدني سيوفر الغطاء والحاضن والضامن لكافة أبناء الوطن والأمة على الحد السواء حيث تسود فيه القوانين المدنية الحديثة والقابلة للتطوير وإعادة البحث والنظر بين الحين والأخر بحسب تسارع الظروف والمتغيرات المادية والبشرية وبالتالي هذا سيؤدي الى استبعاد العقوبات البربرية والجائرة من نظامنا الحقوقي والقضائي وهذا بدوره سيكرس شعوراً عاماً بأن الجميع متساوون أمام القانون في العقاب والثواب على الحد السواء وبدوره سيؤدي الى إنصهار واندماج كافة ابناء المجتمع والأمة بصبغة واحدة ونسيج إجتماعي واحد ..
ايضاً البنية والهيكلية السياسية للمجتمع والدولة يجب أن تبنى وتؤسس على أساس مدني ووطني بحيث تكون مبادىء الدستور الذي سيطبق على البشر هو من صنع البشر أنفسهم حتى لا تشعر فئة ما بالغبن أو الظلم أو التهميش الذي سيشعرها بالنفور وعدم الولاء واللامبالاة وسيقودها الى الإنكماش على مرجعياتها الدينية والطائفية في تسيير شؤونها العامة والخاصة والعودة الى البدء والإنتكاس والوراء بتغليب مصالحها الفئوية على المصالح الوطنية ويصبح الوطن معها وكأنه تحصيل حاصل وهذا كنتيجة للسياسات الخاطئة والمعتمدة في رسم النظام العام من قبل العقول المغلقة والإرتجاعية.
فالحياة العامة من سياسة ومجتمع واقتصاد الى أخر ذلك .. يجب أن تبنى على أساس مدني ووطني كما قلنا سابقاً فمصادر التشريع لا ينبغي لها أن تعتمد على الشرائع الدينية والفقهية لفئة ما لأن الدولة ككيان سياسي لا يجب أن تصبغ بالصبغة الدينية فالدولة لا دين لها وهذا أمر مفروغ منه لأن الدولة شخصية إعتبارية تمثل جميع أبناءها وهذا يفرض مبدأً بسيطاً أن الكل هو مجموع كافة أجزائه بينما في الدولة ذات الشكل الديني سيظهر المختلفون دينياً وكأنهم غرباء أو ضيوف ثقيلي الظل وغير مرغوب بهم عند كل خلاف عقائدي له صبغة دينية أو نظرة مستقبلية لشكل الأمة والبلد .. اما محاولات البعض لوي عنق الزجاجة بالقول إن شريعة فئة أو طائفة ما يجب إعتمادها باعتبارها الأكثرية فهذا قول مردود عليهم لأن منطق الاكثرية والأقلية العددية هو مفهوم نسبي وليس مطلق فالأدوار قد تتغير وتتبدل وبالتالي لا يمكن بناء البلاد والتحكم في رقاب العباد على أساس هكذا مفاهيم..
فيجب أن يعلم الجميع أن العقيدة او الشريعة هي أمر شخصي وخاص بفكر الانسان ووجدانه وحده وبالتالي لا يمكن تعميمه على الجميع وإعتباره قانوناً كونياً واعتماده في كافة مناحي الحياة لأن للشريعة أوالعقيدة الدينية نواحي ومساوىء سلبية فهي تعتمد أولا سياسة إقصاء الاخر المختلف عقائدياً ودينياً ومن ناحية أخرى تقوم على فرض تلك العقيدة على الجميع بإعتبار أن اصحابها يرون فيها الحقيقة المطلقة في كل زمان ومكان ..
بينما الأسس والقواعد الفكرية اللادينية فمرجعيتها العقل والمنطق وإحترام حقوق الانسان .. أي انسان.. سواء كان متديناً أو ملحداً فهي تكفل المساواة الحقيقية وتشجع روح التنافس والإبداع بين جميع البشر إنطلاقاً من شعورهم بالمساواة والإنتماء الحقيقي للوطن والأمة قبل الطائفة والعشيرة أو الحزب وإلغاء تلك العقلية أو الذهنية التي يحاول البعض فرضها على أساس التمايز أو التفضيل الديني لفئة أو طائفة ما وبالتالي أفضليتها للحكم والقيادة على أرض الوطن لأن الهدف والغاية والوسيلة ستكون واحدة في كل المقاييس والمعايير ألا وهي الإنسان الذي في الحقيقة هو السيد الحقيقي على هذه الأرض أو ربما الإله حتى إشعار أخر ..
بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم - www.facebook.com/ihab.ibrahem.54
www.twitter.com/ihab_1975
e.mail:ihab_1975@hotmail.com
gmail:ihabibrahem1975@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق