الجمعة، 22 مايو 2015

تشيرشل


الترويج والتسويف الإعلامي

أحياناً الترويج لقضية يصبح أهم من القضية بحد ذاتها وذلك أسلوب لطالما تم إتباعه في الإعلانات التجارية والتسويق للمبيعات
وهذا بحد ذاته تطبيق لشعار إعلاني قديم آلا وهو .. والذي يقول ( إنك تبيع صوت القلي وليس النقانق )..!!
طبعاً بإستطاعتنا تفهم الأمر اذا كان الموضوع يتعلق بأشياء مادية او أمور تسويقية .. أما عند الحديث عن الإنسان ووجوده ومصيره وحاضره .. ومستقبله فلا يقبل بأي شكل من الأشكال أن تروج لقضية أو فكرة او مبدأ ما على حساب هذا الإنسان ...
فذلك يعد إحتقاراً لذواتنا وشخوصنا وكينونتنا ككل ... إن ما يقوم به الإعلام ككل ومنه الإعلام المحلي لهو أكبر تشويه للإنسان وفكره إنه تسويق للغرائز على حساب صوت العقل .. لطالما تعامل الإعلام مع الإنسان على أنه مجرد رقم من ضمن قائمة أرقام تستخدم للجرد في تعداد المشاهدين او المتابعين ... وبذلك قام الإعلام ويقوم بالترويج لقضية الإنسان .. أي قضية .. لا يهم .. بطريقة التسويق للعناوين الفضفاضة والرنانة والتي تسري كالنار في الهشيم .. ومن دون أدنى مضمون إنساني عملاني موضوعي .. كالذي يبيع السمك في الماء ..
ولا أدل على ذلك إلا تلك البرامج بكافة أنواعها ومختلف شخوصها والتي تضج بسطحيتها العلمية وترويجها لعلوم ومفاهيم مضللة قبعت على رؤوسنا عقود طويلة ... قد أن الأوان لكنسها وتعزيلها من رؤوسنا

وطن الضياع ..!!

سرقوا الوطن ... بإسم الدفاع عن الوطن ..!!

ديكارت × سارتر

قال رينيه ديكارت ذات مرة .. أنا أفكر اذاً أنا موجود .. فجاء رد جان بول سارتر أنت حر اذاً أنت موجود ..!!
وبين الحرية والشك ضاع الإنسان العربي في ذلك الجدل والصراع بين ما يطمح اليه وأن يكونه من جهة وما تم تدجينه عليه وقمعه وتهميشه من جهة أخرى .. فتباً لسارتر وديكارت .. أم تباً للحكومات العربية والثقافة العربية المؤدلجة .. يصيح عقل عربي يتخبط في متاهات وأروقة الأيام المنسية ..؟؟

وليم شكسبير

عندما تأتي المصائب، فإنها لا تأتي كالجواسيس فرادى... بل كتائب كتائب...

معلومات غريبة

عندما يلامس الصرصور جسم الإنسان البشري يسارع الى مخبأه لتنظيف نفسه ...!!! شر البلية ما يضحك
يعني حتى الصرصور الحقير والمقزز للكثيرين منا .. شايف أنو نحنا البشر أقزر وأوسخ الكائنات الحية لهيك بملامستو إلنا بيتوسخ وبيحتاج الى تنظيف ... شكلها الصراصير بتتعاطى بالنوايا لهيك بتعرف نوايانا البشرية الدنيئة والقذرة ... تباً لكم أيتها الحشرات
معاً لسحق كل صراصير العالم ..


الأربعاء، 29 أبريل 2015

العدو من الداخل ..؟؟

بالحديث عن العدو وآثاره وتبعاته لا بد لنا من التطرق للموضوع الأهم في كل نقاش او طرح ...ألا وهو الإنسان .. إن الإنسان بتركيبته الجسدية الفزيولوجية ( الهرمونية الكيمياوية بإمتياز ) والنفسية المعنوية هو مجموعة تضافر وتداخل عدة عوامل وأسباب ومسببات تعمل على تنشأته وتهيأته لتنتج وتفرز منه شخص إما سوي او غير سوي (متطرف) بالمنظور الكلاسيكي للكلمة ..

فالشخص يُنظر على أنه سوي وفاعل في البيئة والمجتمع بقدر عطاءه ومساهمته الإيجابية في الحياة ككل بشقيها الشخصي والعام .. والعكس يُفترض أنه صحيح الى حد ما .

لكن الملاحظ في مراحل تطور أي شخص منّا ولدى نشأته في أي بقعة جغرافية على وجه هذه البسيطة ورغم ما قد تؤثر وتتداخل العوامل الخارجية من تربية وبيئة وصحة وتعليم ومناخ سياسي وإقتصادي وإجتماعي قائم في أي بلد ما .. تعمل على رفد تلك الشخصية بذخيرة تتفاعل بشكل حيوي داخل رأس الإنسان ودماغه .. لتكوين شخصية ذات استقلالية وفاعلية .. إنها بحد ذاتها قد لا تؤدي الى إحداث النتيجة الإيجابية المرجوة والمطلوبة ..!!

فما الذي حصل او .. يحصل ..؟؟

إنه العدو أيها السادة .. فالمفهوم التقليدي والكلاسيكي القديم والذي ساد في كل الأدبيات والمصطلحات أن ذلك العدو من الخارج .
فقد يكون العدو على شكل أي شخص أخر يريد إلحاق الأذى بنا .. (وهنا تُطلق غددنا الهرمونات اللازمة للفعل ورد الفعل كهرمون الأدرينالين استعداداً للمواجهة والقتال او الهروب والتواري ) وذلك عبر تهديده المباشر لمصلحة شخصية او مسألة حياتية كالتهديد بالأذى الجسدي او النفسي او حتى المعنوي ..

وقد يكون العدو أكبر وأخطر من ذلك ..؟ كجائحة مرضية وبائية قد تهدد مستقبل البلاد والعباد بواسطة مرض فتّاك يهدد ويُنذر بإحراق الأخضر واليابس بين ظهرانينا ..(وهنا لا بد من اللجوء الى وسائل الوقاية العلمية الطبية لتدارك تلك الأخطار المحدقة ..)
او ربما يكون الخطر نابعاً من عوامل الطبيعة كالكوارث الطبيعية على إختلاف أشكالها وظواهرها المناخية العاصفة الغاضبة كالزلازل والبراكين وعوامل الطقس القاسية (وتلك عوامل تصيب الشخص بغض النظر عن تركيبته النفسية او العقائدية وميوله السياسية او إنتماءه الطائفي الإثني .. لأن الأمر الحاسم في موضوعها هو لحظة تزامن وجود ذلك الشخص في نطاق منطقة الكارثة او النكبة..)

وقد تتجلى الأخطار بأشكال أخرى كالحوادث المرورية المتراكضة يومياً والتي تسبب الأذى المباشر او غير المباشر سواء جسدياً او مادياً او معنوياً (وتلك لها أسبابها المادية الظرفية أيضاً من قلة الوعي والإنتباه والتهور سواء من الشخص نفسه او من الأخرين .. ولا ننسى سوء الطرقات وعدم أهليّتها ..)

إن تلك الأمثلة السابقة وغيرها هي من مظاهر العدو الخارجي الذي يهدد الإنسان في عيشه وحياته وأمنه ورزقه ...
لكن وبنظرة أعمق وأدق لتفاصيل الأمور وطبيعتها وتركيباتها نلاحظ بأن هناك نوع أخر من الأعداء المتربصة والتي تعمل عملها خفاءاً وبصمت داخل روؤسنا وإن كانت في بداياتها وأسبابها كإمتداد لعوامل وأسباب نابعة من مظاهر خارجية من حيث التأثير الغير مباشر ..!
ومنها العادات والتقاليد والأعراف البالية التي تعشعش داخل حجيرات روؤسنا المظلمة وتصبح جزءاً لا يتجزأ من شخصيتنا ونظام حياتنا ومستشارنا الذي نطلق عبره أحكامنا وتقييماتنا على الأخرين وعلى الوضع العام .

إنَ تلك العادات والتقاليد والمفاهيم البالية والسائدة في مجتمع ما وفترة زمنية ما .. خاصة إن كانت من النوع الجامد والعتيق والتي تحد من تطور الإنسان فكرياً ومعرفياً وتحاصره وتكبله اجتماعياً ستعمل عملها داخل رؤوسنا بشكل سلبي وستعمل أيضاً بشكل او بأخر على الحد من تطورنا وتمدّننا ..

فتلك التقاليد والسلوكيات البالية والتي تحولت الى عرف عام وسائد بحكم التكرار الأعمى والتي من خلالها نطلق أحكامنا وتقييماتنا على تصرفات وسلوكيات الأشخاص الأخرين لنصنفهم ونحاكمهم إمّا سلباً او إيجاباً ..!!
أيضاً لا بد لنا من الحديث عن التطرف بكافة أشكاله وأدواته من أفكار وعقائد متطرفة سائدة نتيجة هيمنة أيديولوجيا دينية ما داخل المجتمع وأركانه والتي تعمل عملها أيضاً في الخفاء داخل رؤوس أبناء المجتمع ولاوعيه نتيجة التربية الدينية المتزمتة والمتشنجة والتلقين الأعمى منذ الصغر من دون أدنى إحساس بالمسؤولية ..

إنها تعمل كما يعمل البرنامج الفيروسي داخل الألة المبرمجة فهي ستسيّر وتوجه الشخص المُبرمَج بطريقة متطرفة وداخل قالب جامد لن يستطيع الشخص المُبرمَج منه فكاكاً .. وكلما تقدمت به سنوات العمر ستصبح عاله عليه وتمنعه من التقدم والعطاء والإنتاج بالمعنى الإيجابي للكلمة وقد تتفاقم مع مرور الزمن لتصبح خطراً على صاحبها وعلى المجتمع ككل إذا ما تم توظيفها واستخدامها واستثمارها في أعمال التخريب والأذى .. كالإرهاب الممنهج ..

(وهنا لا بد من التصدي للأمر عبر تفعيل وتنمية ملكة الشك ومنهج التفكير الحر منذ الصغر في المؤسسات التعليمية والإعلامية كافة لمقاومة ومحاربة هذا العدو الأثم إضافة الى سيادة منطق العلمانية كأسلوب حياة ونهج سياسي لعمل الحكومة والدولة  ..)

وهنا نصل الى عدو أخر لا يقل بشاعة وخطورة آلا وهو السلبية واللامبالاة والخنوع .. وهو نتيجة للقمع والإقصاء والتهميش الممارس على الشخص بشكل خاص او على الأفراد بشكل عام وممنهج .. (والذي قد تلعبه الحكومات إما عفواً او قصداً ) ..!!

وهو بدوره أيضاً من نتائج الأسباب والعوامل السابقة فالأشخاص او أفراد أي مجتمع ما والذين نشأوا ولُقنوا وبُرمجوا على عقيدة متطرفة ما او سلوك اجتماعي ما نتيجة أعراف وتقاليد وسلوكيات خاطئة وسلبية سائدة في هذا المجتمع ستتولد لديهم مَلَكة وخصلة الخنوع والإستسلام والسكوت واللامبالاة ( لن أكون مبالغاً إذا أطلقت عليها تسمية المَلَكة فهي تصبح من المبادىء والقواعد المعشعشة في لاوعي الإنسان وتتحكم في توجهاته وطريقة نظرته للحياة والأخرين ) لكل وضع معاشي واجتماعي وسياسي خاطىء وسيكون سلوك ذلك الشخص او الجماعة هو الإستسلام والتسليم .. والخنوع والخضوع للأمر الواقع وكأنه قضاء مأزوم وقدر محتوم ..!!

... ففاقد الشيء لا يعطيه ...

وبالمحصلة أيها السادة إن الشخص الذي تربى ونشأ في مجتمع تسوده وتحكمه العادات والتقاليد البالية والأفكار والعقائد المتطرفة لن يخرج سلوكه وتصرفه عن إحدى إحتمالين :
فإما كائن يمتهن الخنوع والخضوع والإستسلام نتيجة برامج التحميل السلبية التي حُمّل بها .. كائن سلبي لا مبالي عديم المسؤولية طفيلي يتنفس من دون هدف آسمى وهو يعتقد بأنه يعيش على وجه هذه البسيطة بكل حرية .!!
وإما كائن متطرف سوداوي خارج من عصور الظلام والجاهلية سيكون سلوكه الفساد والإفساد وعنوانه الإرهاب والتطرف والإقصاء لكل ما يخالف برنامجه الفيروسي الطفيلي هو الأخر ..

فالعدو كما أسهبنا سابقاً لا يتجلى فقط بالعدو الخارجي المتمثل بالأمراض الجسدية والجراثيم وقريباتها الفيروسات الطبيعية التي تقتحم جسد الإنسان غرائزياً .. او تلك العوامل البيئية الخارجية والطبيعية بمختلف مظاهرها والتي قد تحد وتمنع نشاطه وتأديته ..

بل العدو أيها السادة .. هي (أمراضنا النفسية) وعقدنا المخفية وفيروساتنا المحلية الصنع داخل قاع رؤوسنا والتي تعمل بصمت وهدوء .. إنها نتيجة كبتنا وخوفنا من التحرر الفكري من الجهل والتخلف وسيطر الفكر الديني والأعراف والتقاليد البالية والذي وصلت إليه أحوالنا وأوضاعنا البائسة كنتيجة لعاداتنا وسلوكياتنا وأفكارنا المتطرفة وتصرفاتنا الخاطئة والتي نخشى الخروج والتمرد عليها .. لا بل حتى الوقوف في وجهها ..

أجل أيها الأحبة ...أعزائي ... إن التمرد ومحاولة الخروج عن القطيع وغريزته المقيتة يحتاج الى شجاعة وإرادة وتصميم .. إنه تحدي لذواتنا وشخوصنا وبيئتنا بما لها وعليها من أفكار وعادات ومفاهيم وسلوكيات مشوهة وعتيقة ... وعقيمة .

لا بد لكل عملية تحول نحو الأفضل من وقفة مع الذات لتحديد المعوقات والسلبيات من أعداءنا الداخلية والخارجية لحصرها وتحديدها وتحليلها ومعرفة كيفية الوقوف في وجهها والتصدي لها بكل شجاعة وجرأة ومسؤولية (أي تحديد الهوية ) .. حتى نستحق ونكون مستحقين ومؤهلين للعيش في كنف الحياة وإلا سنتحول يوماً ما .. (  إن لم نكن قد تحولنا بالفعل - وهذا ما لا أتمناه - ..) الى مجرد آلات ومعدات تستهلك الغذاء والهواء ومصادر الطاقة الأخرى  ( بكل وقاحة ) ونخلّف ونترك وراءنا النفايات والفضلات وكافة أشكال المخلّفات والتي قد نصبح ذات يوم جزءاً منها .. لربما في نظر الكثيرين ممن تخطونا بمراحل كبيرة في ركب الحضارة ..

اللاذقية بتاريخ 4\4\2015


 بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com

الجمعة، 3 أبريل 2015

التزوير

 التزوير من الجرائم التي تتطلب عند فاعلها قصدا خاصا فلا يكفي لمعاقبته
            أن يكون تغيير الحقيقة قد ارتكب عن علم وإرادة فقط بل يجب أن يكون قد
            ارتكب بنية خاصة وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه النية.
            لكن المشرع السوري حدد النية الخاصة في جريمة التزوير هي أن يكون
            التغيير الحاصل بقصد التزوير وهو الغش وتغير الحقيقة لإلحاق ضرر بالغير
            محقق أو محتمل مادي أو معنوي أو اجتماعي

التزوير:

 تعريف التزوير:
            نصت المادة 443 من قانون العقوبات السوري على الآتي:
            التزوير هو تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد
            إثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو
            اجتماعي.

إخلاء السبيل

حالات إخلاء السبيل

            يكون إخلاء السبيل واجباً أو جائزاً. فإخلاء السبيل الواجب هو ما يسمى:
            إخلاء السبيل بحق. وقد أوجبه القانون بالشروط التالية: أن تكون الجريمة
            محل الملاحقة من نوع الجنحة فإن كانت مخالفة كان ذلك من باب الأَوْلى.
            وأن يكون الحدّ الأقصى للعقوبة التي تستوجبها الحبس سنة. وأن يكون قد
            مضى خمسة أيام على التوقيف. وأن يكون للمدعى عليه موطن في سورية. وأن
            لا يكون قد حكم عليه قبلاً بجناية ولا بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر من
            دون وقف التنفيذ.

            أما إخلاء السبيل الجائز فيطلب باستدعاء إلى المرجع واضع اليد على
            الدعوى وهو قاضي التحقيق، أو قاضي الإحالة، أو محكمة الموضوع أو محكمة
            النقض تبعاً لتحول الدعوى من مرجع إلى آخر، إلا عند تخلي قاضي التحقيق
            أو قاضي الإحالة بقرار عدم اختصاص، فيبقى لهما النظر وبت تخلية السبيل
            إلى أن تفصل مسألة الاختصاص.

الثلاثاء، 31 مارس 2015

وزير العدل أم ميكنسيان العدل ..!!


بالنظر الى الطريقة التي تُدار بها عجلة #القضاء في بلدنا (وأصر على إطلاق مصطلح عجلة) كان لزاماً عليَّ أن أعنون هذه المقالة بمقولة الميكنسيان فمؤسسة القضاء في بلدنا تختلف عن الكثير من مؤسسات القضاء في أغلب دول العالم المتحضر لا بل حتى النامية ..

إن فكرة تشكيل وتأسيس بنية هيكلية لمؤسسة القضاء قديم وله جذور ضاربة في التاريخ القديم لكن شكله الحديث ظهر مع إنطلاق مفهوم الدولة الحديثة بما تحمله من أعباء ومهام اقتصادية اجتماعية خدماتية وسياسية بالمعنى الواسع للكلمة ومن جملة هذه الخدمات او الأهداف هي صون العدالة وحماية الحقوق العامة والشخصية للأفراد على الحد السواء .

لذلك إنطلقت فكرة تأسيس وإنشاء دور القضاء في معظم دول وبلدان العالم على إختلاف الشكل السياسي للحكم .. وكانت الغاية الأولى لحماية دور القضاء وتفعيلها وجعل تأثيرها ذات بعد قانوني وإنساني وأخلاقي هو تجنيبها عن كافة التجاذبات السياسية والتقلبات المزاجية التي تجري في أروقة وإدارات الحكم ومنطق الحكومات وأهدافها الإستراتيجية القصيرة او البعيدة المدى والمتغيرة بحسب المصالح لذلك كان يتوجب أن يتم تحييد القضاء بشكل كامل ودائم عمّا يجري في البلاد فإستقلال القضاء هو مبدأ عقلاني ومنطقي قبل أن يكون تقنين وتشريع يُخط في دساتير الأمم ووجدان الشعوب وتراثها ..

وبنظرة سريعة على معظم تشريعات الدول المعاصرة ومنها بلدنا يستوقفنا مبدأ إستقلالية السُلطة القضائية وتحييدها عن السُلطتين الأُخرتين (التشريعية والتنفيذية) من منطلق أن القضاء هو سُلطة هدفها الأول والأخر هو حماية الحق والعدل وبغض النظر عن صاحب هذا الحق وميوله السياسية ومعتقداته الأيديولوجية الفكرية ..
وهذا ما أكده المبدأ التالي في #الدستور السوري بنص المادة \131\ (السُلطة القضائية مستقلة ويضمن رئيس الجمهورية هذا الإستقلال ويعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى)..

وإنطلاقاً من هذا المبدأ إستلزم الأمر أن يتبع الجسم القضائي بقضاته ورجالاته الى مجلس القضاء الأعلى والذي يتمتع بإستقلالية تامة عن السُلطة التنفيذية في معظم الدول المتمدنة (على خلاف ما يجري عندنا) وبالتالي فالقضاة يعتبرون وبحكم القانون مستقلين في عملهم القضائي لا سلطان عليهم سوى القانون وضميرهم وهذا مكرس بنص المادة \133\ من الدستور (1-القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون -2-شرف القضاة وضميرهم وتجردهم ضمان لحقوق الناس وحرياتهم).

لكن على من تلقي مزاميرك يا #داؤود ..؟!

إن أول خرق لمبدأ فصل السُلطات واستقلال السُلطة القضائية نجده في التبعية الوظيفية والإدارية للقضاة والجسم القضائي الى وزير العدل (العضو في السُلطة التنفيذية) وهذا أول خرق كبير وفاضح والذي يقوض مبدأ استقلال القضاء ويجعله حبراً على ورق .. أما الخرق الثاني فهو في هيكلية تشكيل مجلس القضاء الأعلى وذلك بحسب قانون السُلطة القضائية الصادر بالمرسوم رقم \98\ لعام 1961 وتعديلاته وتحديداً بالمادة \65\ والتي تنص (يؤلف مجلس القضاء الأعلى على النحو التالي :رئيس الجمهورية ينوب عنه وزير العدل -رئيساً-رئيس محكمة النقض -عضو-النائبان الأقدمان لرئيس محكمة النقض -عضوان-معاون وزير العدل -عضو-النائب العام -عضو-رئيس إدارة التفتيش القضائي -عضو)..

إن نظرة سريعة على قانون السُلطة القضائية يعطينا فكرة شديدة الوضوح لا لبس فيها ولا غموض عن إنتهاك المبادىء الدستورية التي أرست مبدأ استقلال القضاء فمجلس القضاء الأعلى (برأسة وزير العدل) بتشكيلته ورأسته وتبعية الجسم القضائي له وهو بهذه الهيكلية فيه من عدم الحياد والإستقلال الشيء الكثير وقد كان من الأبدى أن يرأس مجلس القضاء قاضٍ مستشار بمرتبة وزير (كرئيس محكمة النقض مثلاً..) حتى لا يتبع في تراتبيته وتسلسله الى الحكومة أي السُلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل بل كان الأجدى أن يتبع الى البرلمان صاحب السُلطة في الرقابة الشعبية على سير أعمال الدولة ومرافقها ..

أيضاً وبالنظر الى المادة \8\ من ذات القانون والتي تنص على الأتي (تتولى إدارة التشريع - طبعاً التابعة لوزارة العدل أيضاً - أ - تحضير مشروعات القوانين والأنظمة والبلاغات القضائية) بما فيه من تعدي على السُلطة التشريعية صاحبة الولاية في إصدار التشريعات والقوانين كافة فإدارة التشريع بتبعيتها الوظيفية والإدارية لوزارة العدل ووزيرها تهيّء الظروف والأسباب للوزير لإصدار البلاغات والتعاميم التي تعرقل سير القضاء وتكبّل القضاة في عملهم القضائي والقانوني مع أن ذات المرسوم كان واضحاً في المادة \2\ بنصها (يمارس وزير العدل السُلطات المتعلقة بوزارته وهو المرجع الأعلى في الشؤون التوجيهية وفي الإشراف على الأعمال ومراقبة تنفيذها ضمن أحكام القوانين والأنظمة النافذة) ...

والتي أعطت للوزير سلطة الإشراف والتوجيه الإداري (فقط) لكن تناقض المرسوم بمنطوق مواده وتعابيره أعطى الوزارة والوزير وإدارة التشريع القضائي سُلطة تحضير مشاريع قوانين وبلاغات وتعاميم وأوامر إدارية لها مضمون وتأثير قانوني وقضائي أدت الى إفراغ القوانين الصادرة عن السُلطة الحقيقية (البرلمان) في البلاد من محتواها وعطلتها .

لطالما كانت تلك الخروقات المتمثلة بقانون السُلطة القضائية والذي شكّل سلاح وزير العدل ووزارته سيفاً مسلطاً على رقاب القضاة فقد أدى هذا الوضع المشوه الى تحويل قضاتنا الى مجرد موظفين عند مزاجية هذا الوزير او ذاك في تعاقبهم على إدارة وزارة العدل يسعون الى تنفيذ أوامره ويتجنبون نواهيه لنصبح وكأننا في إدارة عسكرية التفكير والرؤية عمادها وقوامها التنفيذ الأعمى وإطاعة الأوامر ..

إن تدخلات السُلطة التنفيذية ممثلة بوزارة #العدل في الشؤون القضائية والعدلية لا حصر لها ..إن أول ما يصدفنا ويكبل عملنا القانوني .....(كمشتغلين في القانون) هو تلك الأوامر الخطية الكتابية التي تصدر عن وزارة العدل الى قضاة الحكم والنيابة والمساعدين العدليين وغيرهم ... تحت مسمى تعاميم وبلاغات وتوصيات لها صفة النفاذ بموجب قانون السُلطة القضائية السابق الذكر فهي خرق واضح وفاضح لمفهوم حياد واستقلال السُلطة القضائية بكافة أشكاله ومسمياته .

فمن المعلوم لكل مشتغل بالقانون أن التشريع وعملية وضع وسن القوانين هي وظيفة ومسؤولية السُلطة التشريعية عبر البرلمان وذلك بحكم قواعد الدستور ومهمة القضاء هو تطبيق العدالة وتحقيقها عبر الإحتكام لنصوص القوانين والتشريعات الصادرة عن السُلطة التشريعية صاحبة الولاية والإختصاص في هذا الأمر ..

لكن أن تقوم وزارة العدل عبر وزيرها (وبغض النظر عن شخصه) بتشريع وإقامة منظومة من الأوامر والنواهي الموجهة الى القضاء للعمل بها فذلك إعتداء سافر على عمل السُلطة التشريعية وإنتهاك لسيادتها واستقلال عملها لا بد من الوقوف والتصدي بحزم له من جميع العاملين في الحقل القضائي والقانوني من قضاة ومحامين وغيرهم ...

إن تلك #البلاغات #والتعاميم (المواليد الخُدّج) التي تصدر عن وزارة العدل تعمل بمنحيين وإتجاهين سلبيين في آن معاً : فمن جهة هي كما قلنا تعدٍ صارخ على سُلطة مخولة بالتشريع لا بل إنتزاع وإغتصاب حق التشريع منها وسلبها صلاحياتها عبر تعطيل القوانين والتشريعات النافذة والمقوننة والتي حازت على تصويت الأغلبية لإقرارها .. فتصبح تلك القوانين والمراسيم فاقدة للنكهة والفاعلية والتأثير عبر إفراغها من محتواها ومضمونها الذي قصده المشرع ..
لأن تكرار تطبيق الخطأ والإستمرار بإستعماله سيحوله الى قاعدة ثابتة بحكم العادة والطبيعة البشرية .

ومن جهة أخرى ستحوّل تلك البلاغات والتعاميم السادة القضاة الى مجرد موظفين إداريين تابعين لسُلطة الوزير التنفيذي وستوؤد دورهم الإستقلالي القضائي والفقهي وستحصر جُلّ اهتمامهم وأعبائهم بتطبيق تلك الأوامر والبلاغات بالرغم من مخالفتها القانونية والدستورية الواضحة ومع مرور الوقت سيتم تحجيم الدور الريادي المفترض أن تلعبه مؤسسة القضاء في بناء الوعي الإجتماعي والفقهي والقانوني في البلاد ...!!

لأن القضاء واستقلاليته هو عماد البلاد وتقاس درجة تقدم وتحضر أي بلد ما بمدى استقلالية قضاءه ومدى مساهمته وفاعليته في نشر الوعي القانوني لتحقيق تقدم البلاد والشعوب عبر بث الثقة والطمأنينة في نفوس العامة بأن تلك المؤسسة هي الصرح الوحيد والملجأ الأخير لكل صاحب حق ومظلوم .. ومقهور ..

إن عملية الإصلاح القضائي برمتها يجب أن تبدأ إنطلاقاً من تفعيل استقلال القضاء حقيقة وواقعاً وذلك عبر تعديل وتحديث كافة القوانين المتعلقة بالسُلطة القضائية والتي تخالف مبدأ فصل السُلطات وذلك عبر تبعية الجسم القضائي لمجلس قضاء أعلى يتمتع هو الأخر باستقلالية تبتعد قدر الإمكان عن عبث السُلطة التنفيذية ومزاجيتها ومنطقها الإستنسابي وتحكمها في شؤونه وقوانينه ..

فلا يكفي وضع نص كنص المادة \67\ من قانون السُلطة القضائية بنصه: (يمارس مجلس القضاء الأعلى الإختصاصات التالية: ... ج - الإشراف على استقلال القضاء ..؟؟ ) فهو من الناحية النظرية قد يشعرنا بالفخر والإعتزاز لكنه من الناحية العملية التطبيقية -والبراغماتية - يؤدي الى الإحباط واليأس لأن تتبيع الجسم القضائي وإيكال مهمة الإشراف عليه الى سُلطة أعلى منه هي غير مستقلة اصلاً عن السُلطة التنفيذية (لأن فاقد الشيء لا يعطيه) هو لزوم مالا يلزم والتفاف عن المبدأ الأساسي والذي هو استقلال القضاء عن السُلطة التنفيذية ذات المرجعية المزاجية المتقلبة ..

فيا وزارة العدل ويا وزير العدل .. كفوا عن العبث بمؤسسة القضاء وإرفعوا أيديكم عنها فهي ليست عجلة حتى تُدار .!! وأنتم لستم الميكانسيان المخول بإصلاحها .. والى أن يتم تعديل قانون السُلطة القضائية بشكل عصري يتناسب مع ما هو معمول به في التشريعات الحديثة للدول المتمدنة وبما يتلائم مع السُمعة والمكانة التي يتوجب أن تكون عليها مؤسسة القضاء ..

والى ذلك الوقت نتمنى أن لا يصدر أي تعميم او بلاغ ذو مضمون قانوني وتشريعي (بإستثناء البلاغات ذات الطابع الإداري والتسلسل والوظيفي) يخالف ويعرقل سير القوانين والتشريعات الواجبة الإتباع والتطبيق (.. وحتى لا ينقلب مبدأ فصل السُلطة الى صحن سَلَطة..)  والى ذلك الوقت والذي أرجو أن لا يكون ببعيد نتمنى على قضاتنا وجهازنا القضائي وضع العجلة المناسبة على السكة المناسبة ....


بقلم المحامي : إيهاب ابراهيم -   www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                      www.twitter.com/ihab_1975

                   e.mail:ihab_1975@hotmail.com
                                                             
                gmail:ihabibrahem1975@gmail.com