ihabibrahem
إنتبه أنت في منطقة خطرة .. كل شيء مباح هنا .. لا نعترف بالحدود المقيدة لإبداعات الإنسان
الاثنين، 28 أكتوبر 2019
الأحد، 10 يونيو 2018
الأربعاء، 19 أبريل 2017
الأربعاء، 29 مارس 2017
ثقافة الأرانب .. أم سباق التسلح.!!
بغض النظر عمّا قيل او سيقال او ما قد سنقوله ونتناوله في موضوعنا هذا لا بد من الإعتراف بحقيقة ثابتة لا جدال فيها سواء من قبل الأشخاص المتدينين او العلمانيين .. آلا وهو موضوع الإنجاب او استمرار النسل البشري بمفهومه العام الشعبوي او المؤسساتي الأيديولوجي او بمفهومه الشخصي الضيق ..
إن هذا الموضوع والحدث الجلل للكثيرين من أبناء جلدتنا لطالما شكّل هاجساً وحافزاً في المضي قدماً نحو تلك الحياة بمستقبلها المضلل المظلم والمجهول والغير مشرق للعديد منا عبر أطوار حياته وتقلباتها المتراكضة على ذاتها ..
في العديد من الثقافات الدينية يعتبر إنجاب الأولاد مسألة قدرية ومصيرية تتصل بالسماء العليا وأزقتها المأزومة وقاطنيها الخجولين المتواريين عن أنظارنا واسماعنا نحن البشر ..؟
فالرزق والنصيب بما فيها إنجاب الأولاد هو قرار سيادي للسماء وماردها الأعلى وما البشر سوى أدوات تنفيذية او فئران تجارب في أحواض المختبرات وقواريرها المنتشية برائحة النشادر والغازات المتصارعة فيما بينها للإستئثار بعدد أكبر من الذرات والمركّبات الكيمياوية .. هذا ما يحدث على المستوى الكيميائي في التفاعلات بناءاً على رغبة أصحاب التجارب ومبرمجيها ..!!
أما عند أصدقائنا المرتبطين بحبال وجدائل الثقافات الدينية الغيبية ( حيث تنتشر سحابة الجهل والتخلف والتسطح ) فكما اسلفنا سابقاً إن مسألة إنجاب او إنتاج سلالة بشرية جديدة تحمل عبق التأريخ العائلي وآمال المستقبل العريض المنكبين هو مسألة وقرار إلهي بإمتياز بغض النظر عن تكوين ذاك الإله وحساباته ..إنه الجهل والخوف من المجهول .. أيها السادة ..
هذا بدوره آدى الى نشوء وإرتقاء ثقافة الأرانب بإمتياز ..؟؟ .. اسمحوا لي بأن اسمّيها بتلك التسمية لأن الأرانب كما هو معلوم ومتعارف عليه تمتلك قصب السبق في عدد المواليد التي تنجبها او تنتجها غريزياً ..( طبعاً هذا بالنسبة للثديات كتصنيف بيولوجي وأكاديمي علمي .. وبإستبعاد البكتيريا والجراثيم وأشباهها التي تتكاثر بطريقة الإنقسام الخلوي ومن دون أدنى تلقيح او تزاوج جنسي بين ما يسمى بثنائية الذكر والأنثى )..
إن تلك الثقافة التي استمدت شرعيتها من الغيبيات وفلسفتها اللامنطقية شئنا أم أبينا أصبحت واقعاً عاماً وعرفاً بل وقانوناً في الكثير من مجتمعاتنا العربية وعلى الأخص الإسلامية .. بسند شرعي من بعض الأحاديث والمقولات المدسوسة والمفبركة والتي تم اعتبارها مقدسة في غفلة من الزمن العابث ..
فنرى في مجتمعاتنا العربية والإسلامية تسود تلك (الثقافة او الفلسفة ) بشكل تواتري وغرائزي ومن جيل الى أخر وكأنه حُمّل على الجينات الوراثية وأصبح استعداداً فطرياً .. ومن ثمّا فكرياً ..!!
فنحن وعلى الرغم من بلوغنا القرن الواحد والعشرين بثراه العلمي والأدبي والتكنولوجي لازال العديد والعديد من الأسر والعوائل تتبع هذا المنهج وبغض النظر عن الحالة الإجتماعية والإقتصادية بل وحتى الثقافية ..!
فلا زلنا نشاهد الكثير منهم يصر على الإنجاب وبأعداد تفوق قدرته الإقتصادية المادية وحالته الإجتماعية رغم تحصيله العلمي الجيد الى حد ما ( رغم أن مسألة الشعور والإحساس بالأمومة والأبوة تتحقق بوجود ولد واحد .. وبالتالي لن يزداد الشعور كمياً بإزدياد العدد تصاعدياً ..!! ).. والعذر والمبرر دائماً موجود آلا وهو إن هذه هي إرادة السماء والقدر.
تلك المقولة لعمري هي المضحك المبكي .. أيها السادة ..
إن العلوم الطبية قد تطورت وقطعت أشواطاً كبيرة وهائلة في هذا المجال فأصبحنا اليوم نستطيع تحديد عدد المواليد وإختيار جنسهم .. بإرادتنا نحن .. فلم يعد هنالك عذر مقبول في تلك المسألة .. إن المخجل هو الجهل وعدم السؤال بل والمزري والأشد قذارةً ونفاقاً على النفس والغير هو تحميل الأمر اكثر من الطاقة والإستطاعة .. وكأنه خارج عن إرادتنا او سيطرتنا ( إلا في نطاق ضيق جداً ) .
إن الأمر لا يتعلق بكثرة العدد والعديد ..! فنحن لسنا أمام سباق تسلح لخوض معركة او حرب تستهدف الحصول على مناطق خصبة للماء والكلأ كما كان يحدث في تلك الأزمنة السحيقة العتيقة حيث تقاس القوة بمقدار ما للأسرة او العشيرة من رجالات وأبناء ..؟
الأمر بعيد كل البعد عن ذلك أيها القرّاء الأعزّاء .. فالمسألة تتعلق بإلتزام أخلاقي وأدبي وواجب تربوي بإمتياز فالكيفية والنوعية هي الأساس في عصرنا هذا وخصوصاً في ظل فاقة وعوز متجدد وأزمات اقتصادية وسياسية متلاحقة ومتكررة ..
ولكن في المقابل نرى الفئة التي تتّبع المنهج العلماني كأسلوب حياة وطريقة في التفكير تنهج سلوكاً مغايراً ومختلف تماماً ..
فأولاً إن مسألة إنجاب الأطفال هي قرار ذاتي وشخصي نابع من إرادة شخصين متطابقين الى حد ما وليست مسألة عبثية او قدرية مرمّزة او مشفرة بل هو مشروع مخطط له معلوم الدوافع والأسباب والنتائج ..
وثانياً هو إلتزام أخلاقي وانساني وأسري ومادي الى حد كبير .. لأن مسألة إنجاب الأطفال ومن ثمّا إلقائهم في طرقات الحياة ومن دون أدنى سبل العيش او فرص التكيف والتقدم والنضوج على كافة المستويات وبعدها خلق وإيجاد الأعذار والتبريرات بحجج واهية لا منطقية وعبثية لهو الجنون والحماقة والوقاحة في آن معاً .!!
وثالثاً هو واجب وإلتزام وطني من منظور أكثر بعداً وعمقاً... ففي الدول الغربية والتي تنتهج العلمنة في أدبياتها وتشريعاتها نرى المواطن يشارك بهذا الأمر من بعد أخر آلا وهو مسألة إنجاب الأطفال لأن الدولة والحكومة ككيان سياسي واجتماعي واقتصادي عليها مهام وأعباء تجاه رعاياها ويزداد ثقلاً وحملاً كلما إزداد عدد الرعايا بشكل طردي إيجاباً وبشكل عكسي سلباً ..
أي بمعنى أخر إن الدولة او البلد وبغض النظر عن شكل الحكم السياسي تتحمل أعباء إضافية فكلما ازداد عدد الرعايا والسكان ستكون نوعية الخدمات والنفقات على تلك الأعداد الغفيرة وبشتى المجالات إن وجدت رديئة وسيئة وعبثية واستنسابية .. ولكن في المقابل كلما انخفض عدد السكان كلما زادت الثروة وقدمت الخدمة على إختلاف أشكالها ومسمياتها بشكل أفضل وطالت عدداً أكبر من الرعايا المواطنين .. حتى تصل الخدمة الى مستوى الرفاه في عرف القانون الدولي .
ومن هنا نرى أن الإلتزام الأدبي والأخلاقي والوطني يساهم وبشكل غير مباشر في رفع سوية البلاد ودعم اقتصادها من كافة النواحي والأصعدة .. وسيزداد تحصيل الفرد ومعدل الإنفاق ونوعية الخدمات ومستواها بشكل لائق ومحترم ..
سأعطي مثالاً بسيطاً على ما أقول .. في دولة كمصر (أرض الكنانة) وتحديداً في عشرينيات القرن الماضي كان عدد السكان بحسب إحصائيات رسمية حوالي سبع ملايين نسمة .. وبالمقابل وفي بلد كالنمسا اوسويسرا كان عدد السكان في نفس الفترة الزمنية من ذلك القرن ايضاً حوالي سبع ملايين نسمة على أبعد حد ..
بنظرة سريعة اليوم إلى ما آلت إليه الأمور .. مصر العربية يقارب عدد سكانها التسعين مليون نسمة ..!!.. بينما لا تتفاجؤوا اذا قلنا إن تلك الدول الغربية كسويسرا والنمسا مازالت محافظة على نفس العدد تقريباً في يومنا هذا .. هذا التضاعف الآسي والإنشطاري لهو مؤشر خطير ومفزع خاصة اذا ما قارنا تلك البلدان على الصعيد الإقتصادي والمالي .. فأين القوة وسباق التسلح من هذا الأمر ..؟؟
هذا إن دلَّ على شيء فهو يؤكد بأن العدد والذي كان له شأن فيما مضى لضرورات العمل العضلي والحروب و الإقتتال لم يعد له مسوغ او مبرر .. وبأي شكل من الأشكال او المسميات ..
لا يمكن ونحن في القرن الواحد والعشرين وفي عصر الفضاء وعلوم الذرة أن نبقى متساهلين ومتغاضين ومغمضي البصر والبصيرة عن هذه المعضلة والمشكلة الخطيرة على المدى البعيد .. فمن غير المعقول أن تتضاعف أعداد منطقة او مجتمع ما أربعة او خمسة أضعاف خلال عقود قليلة نتيجة جهل البعض او سلبية البعض الأخر ..؟ .. ( كما حدث في مناطقنا وبلداننا )
ولم تعد مقبولة تلك الحجج الضعيفة والواهية التي لا تصمد أمام العقل والمنطق والأخلاق .. كسياسة لفرض الأمر الواقع لتقبله سواء على المستوى الضيق الأسري او على المستوى العام المجتمعي .. العلوم الطبية موجودة والوسائل المضمونة متوفرة وكذلك الأزمات المالية والترهل الإقتصادي والإجتماعي في بلادنا موجود بكثرة ووفرة ... وللأسف
لذلك لم يعد من المقبول أخلاقياً وإنسانياً وسلوكياً أن نرى في هذه الأزمنة... تلك ( الثقافة الأرنبية ) مازالت منتشرة بين ظهرانينا وبأي شكل وتحت أي ظرف او مسمى كان .
إن المجتمعات التي تود النهوض والتقدم في رُكب الحضارة الانسانية والخروج من الواقع المزري المتردي عليها الوقوف بحزم والتصدي لهذه الثقافة المشوهة عبر سَن تشريعات صارمة وقوانين ومؤيدات حازمة تمنع تشفي واستمرار تلك الممارسات .. حتى تنعكس على مختلف النواحي الحياتية والمعاشية ..
ولنا في الصين كدولة مثال يحتذا به فبعد أن كان التضخم السكاني عندهم من أعلى المعدلات في النمو السكاني والذي أثّر سلباً على الدولة وتطورها انعكس إيجاباً بعد تطبيق سياسة تحديد النسل وأصبحت معدلات النمو السكاني عندهم من الأقل عالمياً .. على عكس بلداننا التي تعيش على الغيبيات والمغيبات في ظل وجود واقع معاشي مزري كما أشرنا سابقاً .. مما جعلها من أعلى معدلات النمو السكاني فتصدرنا بذلك سباق التسلح وقصب السبق ..!!
أعزائي لا أريد أن يفهم من كلامي هذا إنني ضد استمرار النسل البشري او الإنجاب بشكل عام بل على العكس تماماً .. وإنما أنا ضد سياسات التفريخ والتدجين .. وكأننا في مداجن ومستوعبات لا هم لها سوى تفريغ مستوعباتها وبذورها في تلك الجرار والخوابي ومن باب إلقاء الأمور على عواهنها .. المسألة تحتاج الى إلتزام أخلاقي أدبي وانساني .. واجتماعي بكل المقاييس والأبعاد ..
ونظام تشريعي عصري ومتوازن لضبط ذلك الإنفلات والتكاثر العشوائي مع ضوابط وكوابح جزائية قانونية حتى تعود الأمور الى نصابها وشكلها الطبيعي.. فالخيرة والفاعلية والإنتاجية في النوعية والكيفية لا في العدد والعديد فتكفينا الكثير من الآزمات والإنكسارات ولا نريد ان يكون التضخم السكاني من إحداها ..
وختاماً.. نقول : دعوا الأرانب وثقافاتها الغرائزية وسلوكياتها الطفيلية .. وتسلحوا بالمعرفة والعلم والأخلاق ( لا بالجزر ).. لإحداث الفارق بين واقع مزري .. ومستقبل لا بد أن يكون أكثر إشراقاً بكل محبة ووعي ..
اللاذقية بتاريخ 12\2\2017
بقلم الكاتب المحامي : إيهاب ابراهيم -
www.facebook.com/ihab.ibrahem.54
www.twitter.com/ihab_1975
e.mail:ihab_1975@hotmail.com
gmail:ihabibrahem1975@gmail.com
الجمعة، 23 سبتمبر 2016
هل نقول حقاً .. وداعاً للأخلاق ..؟ ( إنتكاسة الأخلاق )
بغض النظر عن العلاقات القائمة في مجتمعاتنا وما يسودها من تشابكات وانحرافات وانتكاسات وحتى ارهاصات سواء على المستوى النفسي او الإجتماعي او حتى الأخلاقي والذي يعتبر المؤشر الصحي والدليل على المستوى الثقافي والفكري والأدبي سواء رداءةً وانحطاطاً او جودةً ورفعةً بالنسبة للمجتمع العربي عموماً والسوري خصوصاً .. ويعود ذلك لعدة أسباب وعوامل داخلية وخارجية سنتطرق للحديث عنها تباعاً ..
لكن المثير والغريب بالأمر أنه ورغم مرور عقود من الزمن بل نكاد نقول قرون طويلة وأيضا رغم الإنفتاح الثقافي والإعلامي والتقني في العقود الأخيرة على شعوب وثقافات البلاد الأخرى في أقاصي الأرض مما مكّنَ من سهولة الحصول على المعلومة والإطلاع على تجارب الشعوب الأخرى التاريخية والثقافية والأدبية بشكل يمكّننا من رفع سويتنا الفكرية والأخلاقية وحتى المادية وخاصة الفنون والأدب بمختلف مشاربها كالأدب الروسي واللاتيني والفرنسي والبريطاني وغيرها .. كأمثلة ..
فماذا كانت المحصلة ربما لا شيء من وجهة نظر الكثير من المراقبين والمحللين أي أننا لم نحرك ساكناً ولم نسعى لأن نكون فاعلين ومنتجين في مستقبلنا وحاضرنا حتى ...!!
هل لهذا الحد أصبحنا سلبيين في ردود أفعالنا التلقائية وفي طرق تفكيرنا ومقيدين في طريقة عيشنا ومواكبتنا للحظات الفرح والسرور والحزن والضعف والإنتصار .. وحتى الإنكسار .. وكل المشاعر والمواقف الإنسانية بسلبياتها وايجابياتها ..
ألم نعد نرى انفسنا أمام المرآة كأفراد وشعوب تستحق الحياة والعطاء والإنتاج .. هل لهذا الحد أصبنا بالخصاء الفكري الأخلاقي بالنتيجة .. لأن الأخلاق هي الدافع والضابط لكل منتج وعمل ايجابي سواء على الصعيد الشخصي او الجماعي ..
والدليل على ذلك أن الفرد عندنا لن تراه متميزاً ومبدعاً ومعطاءاً في ظل منظومة فساد ثقافي وأخلاقي وفكري لأن الظروف والشروط البيئية المحيطة به غير سوية وسليمة بينما في المقابل نراه شخصاً أخر ومختلفاً ومبدعاً وخلّاقاً في طروحاته وحتى هذياناته في بلاد الإغتراب والمنفى وذلك بتغير الظروف والشروط الموضوعية البيئية والمادية المحيطة به .. إنها الأخلاق ايها السادة ..؟
صحيح إنه قيل لنا قديماً بأن فاقد الشيء لا يعطيه ولكن هذا المثل او المقولة او القاعدة ليست مطلقة وإنما نسبية ... فهي مرتبطة بالإمكانات والمقدرات والتطلعات وحتى المساحة التي توفرها له البيئة والتي تنعكس على تطلعاته في المساحة التي يرغب الشخص في امتلاكها وحيازتها وتحقيقها ..!
فجميعنا في بداية انطلاقته لم يكن يمتلك شيئاً يذكر .. أقله إلا القليل من الخيال والإبداع والطموح ممزوجاً بالقليل من الشجاعة والجموح .. فهذا ما يحتاجه أي فرد او مجتمع ليبدأ رحلته في التقدم والتطور المعرفي الفكري على الحد السواء .. ولكن محاطاً بشغاف أخلاقي يكون بمثابة البوصلة والموجّه لتلك البذرة المتمردة في شوقها للعطاء والإبداع والإنعتاق ...
لكن المسار الزمني والتاريخي لأي أمة وشعب قد لا يتجه باتجاه تصاعدي وعمودي .. فليس كل طريق يكون معبداً ومرصوفاً .. والمثال الحي هو واقعنا الحالي في العقود الأخيرة ..ولذلك أسبابه ومؤيداته كما أشرنا سابقاً .. فبالعودة الى واقعنا وتاريخنا القديم نرى بأن العديد من التقلبات والأزمات والإنتكاسات والإرهاصات رافقت تاريخ منطقتنا على إختلاف القوميات واللسانيات والشعوب التي قطنتها وساهمت في بناء حضارتنا او ما يسمى تأريخنا لكن لن نخوض في بحث تاريخي لتلك الإنجازات والبطولات التي صورها مؤرخوها ... سنكون حياديين ومنصفين قدر الإمكان وسننظر للأمر من جانب آخر ..
إن ما يسترعي الإنتباه هو التراجع الكمي والنوعي في المستوى الأخلاقي والفكري منذ ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا مع أن منطق الأمور يفترض العكس تماماً وذلك أن التراكم المعرفي والكمي للشعوب في الذاكرة الجمعية يفترض أن يساهم في تشكيل أرضية وذخيرة خصبة للبناء عليها وتطويرها في منحى تصاعدي ..؟ .. نحو الأفضل
ولكن نتيجة لعدة ظروف وعوامل جغرافية وتاريخية وبيئية وأيديولوجية وغيرها ساهمت في ارتكاسة وانتكاسة الأخلاق في محيطنا بحيث تم تحويل دفة السفينة الى الإتجاه المعاكس .. الى عصور ما قبل الظلمات .. أي قانون الغاب الى حد ما ..؟
الإستعمار والغزو الخارجي كان وما زال أول وأخطر العوامل الخارجية التي ساهمت في هدم وتأخير وتشتيت بنية المجتمع الأخلاقية والفكرية قبل المادية نتيجة لفرض وهيمنة فكر الغازي ومنطقه وسلوكه الأخلاقي وشروطه وقواعده على الساحة الداخلية وعلى الشعب المغلوب على أمره .. خاصة اذا استمر التطبيع فترة زمنية ليست بقليلة ..
وهذا الأمر له تبعات بحيث إن شعوب المنطقة المهزومة ستنحرف عن قاعدة البيانات الأخلاقية والفكرية التي توصلت إليها في مسيرة تجاربها وتفاعلها .. وذلك من أجل توقي خطر المستعمر الجديد حتى يفلت من العقاب والموت في سبيل استمرار الحياة قدر الإمكان ..
وهنالك نوع آخر من الغزو يتمظهر بصيغة الأيديولوجيا الدينية والتي زحفت على أرضنا من مناطق صحراوية بعيدة وقاحلة بعد قدومها مع الفتوحات الدينية التي يحلو لأصحابها بتسميتها كذلك .. على إختلاف مشاربها وأهوائها فقد لعبت دوراً سلبياً في شق الصف وتشتيت منظومة القيم الفكرية والأخلاقية لدى شعوب منطقتنا بما فرضته من أسلوب تفكير عقائدي استسلامي انهزامي رسّخ الفكر المقيد والمخصي والذي يعتمد على الغيب والتسليم الأعمى للعمائم وأقوالها وتفاسيرها .. بعد أن كان انسان منطقتنا يتميز بالإبداع الفكري والخيال الجريء الجامع في تطلعاته وطروحاته .. والدليل هو الإرث الثقافي الميثيولوجي لأجدادنا من أبناء المنطقة ..
.... طبعاً هذا ما يحصل عندما تسمح للأخرين بالتفكير نيابة عنك ..!!
وهذا بدوره صدّع الوعاء الأخلاقي الحاضن للمجتمع وأدى الى انتشار وتكريس عدة مفاهيم ومصطلحات تبريرية ضحلة وحتى قذرة .. كالصبر على الآذى في وجه الحاكم الطاغية والمجاملة التي تحولت الى نفاق ومبدأ سد الذرائع .. والتصفيق بشكل أعمى لما تقوله المرجعيات الدينية حتى ولو كان خاطئاً بالمطلق بحجة عدم الشذوذ عن القطيع وشيئاً فشيئاً تحول التعريف الأخلاقي للسلوك والمشهد الأخلاقي مختصراً ومختزلاً بعدة سلوكيات كإرتياد أماكن العبادة المشبوهة والإلتزام بأداء الطقوس الدينية من صلاة ببغائية وصوم يحاكي الوقاحة في أشكاله وغيرها من تلك الطقوس التي تضرب في جذورها مشارب الوثنية .. وبغض النظر عن القيمة والمنحى الفكري والأخلاقي الصرف الذي يحمله الشخص بين جنباته .. لقد تم الإهتمام بالقشور وعلى حساب الجذور ..!
أما عن عوامل الداخل .. فإن ما زاد الطين بله .. هو تعاقب حكومات على سدة القيادة في بلادنا كان لها الدور السلبي الأكبر في عملية سحق وهدم ما تبقى من منظومة الأخلاق الفكرية والأدبية وذلك عبر ممارسات ونهج سياسي وإداري سلبي بالمطلق كان لا يتوارى عن دس السم في العسل .. او وضع العصي في العجلات ..؟
إن تلك السياسات المتعاقبة والممنهجة للحكومات المتعاقبة منذ زمن الإستقلال عن الإستعمار الديني الأيديولوجي وحتى وقتنا هذا كانت ومازالت تفرز وتلدُ كل ما هو رديء ومتهالك .. إن القرارات والأحكام الجائرة والإعتباطية والتي كانت تتخذ في غفلة من الزمن وخاصة على الصعيد الإقتصادي كان ومازال لها الأثر الأكبر على تردي الوضع الأدبي والأخلاقي والفكري قبل المادي.. للإنسان ..
فالوضع المعاشي المتردي سيؤدي حتماً بصاحبه الى وضع فكري متردي لأن أولويات وهموم ذاك الإنسان ستكون في تأمين لقمة عيشه وسد رمق اسرته وستصبح تلك المنظومة الأخلاقية في خبر كان .. أي تحصيل حاصل وأمر ثانوي ترفيهي .. وهذا بدوره ساهم في تكريس وظهور مفاهيم مشوهة وسلبية .. كالنفاق والتزييف والتزوير والسرقة بأشكال أكثر احترافية والإحتيال بكافة صنوفه وكل هذا وذاك من أجل تحقيق النتيجة او المبدأ الفوضوي .. دبر راسك .. أي انا ومن بعدي الطوفان ..!
أيضاً سياسة الحكومات من الناحية الإجتماعية والإعلامية وحتى الفكرية كانت ومازالت لها قصب السبق في تردي وضع الإنسان الأخلاقي والفكري .. فهي بدعمها لطبقة رجال الدين والعمائم والذين قاموا بدور سلبي وبتحالف مع رجالات السلطة السياسية في احتواء وامتصاص كل ثورة مطلب جماهيري محقة تنبع من تعبير عن إستياء للوضع المزري والمخزي .. هذا إضافة الى ممارسات بعض رجال الدين وتجارها في تشويه صورة المفاهيم الأخلاقية بأكملها..
وهكذا وعلى مدى عقود تم تشويه الوعاء الأدبي الأخلاقي بشكل ممنهج او غير ممنهج .. فأصبح الشخص الذكي والناجح بالمقاييس الحالية هو المنافق وصاحب الثروة والمتملق الذي يغير مبادئه ويوظف أخلاقه وإمكاناته الأدبية في تلميع صورة السلطة ورجالاتها وتجارها في سبيل اقتتات عظمة من هنا او هناك .. ويتناولها بكل شراهة ومن دون أدنى حس اخلاقي .. وأصبح مثالاً للشخص الموهوب الحربوق الذي يحاضر بالأخلاق والشرف وغيرها من الأدبيات وبكل وقاحة وعنجهية ..!!
أيها السادة إن مقولة أن ليس بالإمكان أفضل مما كان هي من نتائج تلك الإرهاصات والإنتكاسات والعوامل والأسباب المشوهة والسلبية التي إبتلينا بها ..لا بد لنا من لحظة وقوف مع الذات لإستشعار الكم الهائل من القرف والإشمئزاز والإنحطاط والإنكسار الذي نعيش فيه .. لا بد من البحث عن الحقيقة المختبأة في ذلك السواد المتشظي .. لا بد من البحث عن العطاء والإبداع والخَلق والإبتكار والتميز . قد آنَ لنا أن نتوقف عن تكرار أنفسنا وأجيالنا عبر سلالات ونسخ مشوهة ومتشابهة وعقيمة التفكير والإبداع ..؟
صحيح إن المعركة غير متكافئة الأن بين الأطراف المتصارعة أي بين الجمال والرقي والسمو والفكر الخلّاق والإبداع والخيال .. وبين الإنحطاط والسلبية والدونية والتردي والبشاعة والخزي .. لكن دائماً هنالك فسحة أمل علينا البحث عنها في مكان ما ..
فبإمكاننا البدء من الأجيال الصغيرة الصاعدة فهم أدوات التغيير نحو الأبداع والإنفتاح والخًلق .. وكما ذكرنا سابقاً إن الأخلاق كانت وما زالت هي البوصلة والموجّه والضابط للعمل والنشاط الإنساني بشقيه الخاص والعام لذلك لا بد من فرض مادة الأخلاق وتشريعها وتدريسها في المناهج الدراسية ومنذ الأعوام الأولى لسنوات الدراسة وذلك بعد استبعاد مادة التربية الدينية بكافة أشكالها والتي أثبت التاريخ فشلها وتأثيرها السلبي أكثر من نواحيها الإيجابية ..
أيضاً الإهتمام والعمل على تفعيل دور الإعلام وبشكل سبّاق واستثنائي لدفع وتوجيه المزاج والذوق الشعبي للإهتمام بالثقافة والهواية والتشجيع على ممارسة نشاطات جماعية وايجابية كالفنون بكافة أشكالها وصنوفها لتخلق روح التحدي والإبداع والخيال وتفجر الطاقات الكامنة في العقول الدفينة وذلك بمساعدة المنظمات الأهلية والمدنية وكافة السلطات المحلية والفردية وعلى كافة الأصعدة حتى تعود الأمور الى نصابها وحتى نبتعد قدر الإمكان عن طبيعتنا الغرائزية .. لنتحول ونقترب قدر الإمكان من انسانيتنا المستلبة والمفقودة بكل وقاحة وعنجهية ..!
اللاذقية بتاريخ 18\8\2016
بقلم الكاتب المحامي : إيهاب ابراهيم - www.facebook.com/ihab.ibrahem.54
www.twitter.com/ihab_1975
e.mail:ihab_1975@hotmail.com
gmail:ihabibrahem1975@gmail.com
لكن المثير والغريب بالأمر أنه ورغم مرور عقود من الزمن بل نكاد نقول قرون طويلة وأيضا رغم الإنفتاح الثقافي والإعلامي والتقني في العقود الأخيرة على شعوب وثقافات البلاد الأخرى في أقاصي الأرض مما مكّنَ من سهولة الحصول على المعلومة والإطلاع على تجارب الشعوب الأخرى التاريخية والثقافية والأدبية بشكل يمكّننا من رفع سويتنا الفكرية والأخلاقية وحتى المادية وخاصة الفنون والأدب بمختلف مشاربها كالأدب الروسي واللاتيني والفرنسي والبريطاني وغيرها .. كأمثلة ..
فماذا كانت المحصلة ربما لا شيء من وجهة نظر الكثير من المراقبين والمحللين أي أننا لم نحرك ساكناً ولم نسعى لأن نكون فاعلين ومنتجين في مستقبلنا وحاضرنا حتى ...!!
هل لهذا الحد أصبحنا سلبيين في ردود أفعالنا التلقائية وفي طرق تفكيرنا ومقيدين في طريقة عيشنا ومواكبتنا للحظات الفرح والسرور والحزن والضعف والإنتصار .. وحتى الإنكسار .. وكل المشاعر والمواقف الإنسانية بسلبياتها وايجابياتها ..
ألم نعد نرى انفسنا أمام المرآة كأفراد وشعوب تستحق الحياة والعطاء والإنتاج .. هل لهذا الحد أصبنا بالخصاء الفكري الأخلاقي بالنتيجة .. لأن الأخلاق هي الدافع والضابط لكل منتج وعمل ايجابي سواء على الصعيد الشخصي او الجماعي ..
والدليل على ذلك أن الفرد عندنا لن تراه متميزاً ومبدعاً ومعطاءاً في ظل منظومة فساد ثقافي وأخلاقي وفكري لأن الظروف والشروط البيئية المحيطة به غير سوية وسليمة بينما في المقابل نراه شخصاً أخر ومختلفاً ومبدعاً وخلّاقاً في طروحاته وحتى هذياناته في بلاد الإغتراب والمنفى وذلك بتغير الظروف والشروط الموضوعية البيئية والمادية المحيطة به .. إنها الأخلاق ايها السادة ..؟
صحيح إنه قيل لنا قديماً بأن فاقد الشيء لا يعطيه ولكن هذا المثل او المقولة او القاعدة ليست مطلقة وإنما نسبية ... فهي مرتبطة بالإمكانات والمقدرات والتطلعات وحتى المساحة التي توفرها له البيئة والتي تنعكس على تطلعاته في المساحة التي يرغب الشخص في امتلاكها وحيازتها وتحقيقها ..!
فجميعنا في بداية انطلاقته لم يكن يمتلك شيئاً يذكر .. أقله إلا القليل من الخيال والإبداع والطموح ممزوجاً بالقليل من الشجاعة والجموح .. فهذا ما يحتاجه أي فرد او مجتمع ليبدأ رحلته في التقدم والتطور المعرفي الفكري على الحد السواء .. ولكن محاطاً بشغاف أخلاقي يكون بمثابة البوصلة والموجّه لتلك البذرة المتمردة في شوقها للعطاء والإبداع والإنعتاق ...
لكن المسار الزمني والتاريخي لأي أمة وشعب قد لا يتجه باتجاه تصاعدي وعمودي .. فليس كل طريق يكون معبداً ومرصوفاً .. والمثال الحي هو واقعنا الحالي في العقود الأخيرة ..ولذلك أسبابه ومؤيداته كما أشرنا سابقاً .. فبالعودة الى واقعنا وتاريخنا القديم نرى بأن العديد من التقلبات والأزمات والإنتكاسات والإرهاصات رافقت تاريخ منطقتنا على إختلاف القوميات واللسانيات والشعوب التي قطنتها وساهمت في بناء حضارتنا او ما يسمى تأريخنا لكن لن نخوض في بحث تاريخي لتلك الإنجازات والبطولات التي صورها مؤرخوها ... سنكون حياديين ومنصفين قدر الإمكان وسننظر للأمر من جانب آخر ..
إن ما يسترعي الإنتباه هو التراجع الكمي والنوعي في المستوى الأخلاقي والفكري منذ ذاك التاريخ وحتى يومنا هذا مع أن منطق الأمور يفترض العكس تماماً وذلك أن التراكم المعرفي والكمي للشعوب في الذاكرة الجمعية يفترض أن يساهم في تشكيل أرضية وذخيرة خصبة للبناء عليها وتطويرها في منحى تصاعدي ..؟ .. نحو الأفضل
ولكن نتيجة لعدة ظروف وعوامل جغرافية وتاريخية وبيئية وأيديولوجية وغيرها ساهمت في ارتكاسة وانتكاسة الأخلاق في محيطنا بحيث تم تحويل دفة السفينة الى الإتجاه المعاكس .. الى عصور ما قبل الظلمات .. أي قانون الغاب الى حد ما ..؟
الإستعمار والغزو الخارجي كان وما زال أول وأخطر العوامل الخارجية التي ساهمت في هدم وتأخير وتشتيت بنية المجتمع الأخلاقية والفكرية قبل المادية نتيجة لفرض وهيمنة فكر الغازي ومنطقه وسلوكه الأخلاقي وشروطه وقواعده على الساحة الداخلية وعلى الشعب المغلوب على أمره .. خاصة اذا استمر التطبيع فترة زمنية ليست بقليلة ..
وهذا الأمر له تبعات بحيث إن شعوب المنطقة المهزومة ستنحرف عن قاعدة البيانات الأخلاقية والفكرية التي توصلت إليها في مسيرة تجاربها وتفاعلها .. وذلك من أجل توقي خطر المستعمر الجديد حتى يفلت من العقاب والموت في سبيل استمرار الحياة قدر الإمكان ..
وهنالك نوع آخر من الغزو يتمظهر بصيغة الأيديولوجيا الدينية والتي زحفت على أرضنا من مناطق صحراوية بعيدة وقاحلة بعد قدومها مع الفتوحات الدينية التي يحلو لأصحابها بتسميتها كذلك .. على إختلاف مشاربها وأهوائها فقد لعبت دوراً سلبياً في شق الصف وتشتيت منظومة القيم الفكرية والأخلاقية لدى شعوب منطقتنا بما فرضته من أسلوب تفكير عقائدي استسلامي انهزامي رسّخ الفكر المقيد والمخصي والذي يعتمد على الغيب والتسليم الأعمى للعمائم وأقوالها وتفاسيرها .. بعد أن كان انسان منطقتنا يتميز بالإبداع الفكري والخيال الجريء الجامع في تطلعاته وطروحاته .. والدليل هو الإرث الثقافي الميثيولوجي لأجدادنا من أبناء المنطقة ..
.... طبعاً هذا ما يحصل عندما تسمح للأخرين بالتفكير نيابة عنك ..!!
وهذا بدوره صدّع الوعاء الأخلاقي الحاضن للمجتمع وأدى الى انتشار وتكريس عدة مفاهيم ومصطلحات تبريرية ضحلة وحتى قذرة .. كالصبر على الآذى في وجه الحاكم الطاغية والمجاملة التي تحولت الى نفاق ومبدأ سد الذرائع .. والتصفيق بشكل أعمى لما تقوله المرجعيات الدينية حتى ولو كان خاطئاً بالمطلق بحجة عدم الشذوذ عن القطيع وشيئاً فشيئاً تحول التعريف الأخلاقي للسلوك والمشهد الأخلاقي مختصراً ومختزلاً بعدة سلوكيات كإرتياد أماكن العبادة المشبوهة والإلتزام بأداء الطقوس الدينية من صلاة ببغائية وصوم يحاكي الوقاحة في أشكاله وغيرها من تلك الطقوس التي تضرب في جذورها مشارب الوثنية .. وبغض النظر عن القيمة والمنحى الفكري والأخلاقي الصرف الذي يحمله الشخص بين جنباته .. لقد تم الإهتمام بالقشور وعلى حساب الجذور ..!
أما عن عوامل الداخل .. فإن ما زاد الطين بله .. هو تعاقب حكومات على سدة القيادة في بلادنا كان لها الدور السلبي الأكبر في عملية سحق وهدم ما تبقى من منظومة الأخلاق الفكرية والأدبية وذلك عبر ممارسات ونهج سياسي وإداري سلبي بالمطلق كان لا يتوارى عن دس السم في العسل .. او وضع العصي في العجلات ..؟
إن تلك السياسات المتعاقبة والممنهجة للحكومات المتعاقبة منذ زمن الإستقلال عن الإستعمار الديني الأيديولوجي وحتى وقتنا هذا كانت ومازالت تفرز وتلدُ كل ما هو رديء ومتهالك .. إن القرارات والأحكام الجائرة والإعتباطية والتي كانت تتخذ في غفلة من الزمن وخاصة على الصعيد الإقتصادي كان ومازال لها الأثر الأكبر على تردي الوضع الأدبي والأخلاقي والفكري قبل المادي.. للإنسان ..
فالوضع المعاشي المتردي سيؤدي حتماً بصاحبه الى وضع فكري متردي لأن أولويات وهموم ذاك الإنسان ستكون في تأمين لقمة عيشه وسد رمق اسرته وستصبح تلك المنظومة الأخلاقية في خبر كان .. أي تحصيل حاصل وأمر ثانوي ترفيهي .. وهذا بدوره ساهم في تكريس وظهور مفاهيم مشوهة وسلبية .. كالنفاق والتزييف والتزوير والسرقة بأشكال أكثر احترافية والإحتيال بكافة صنوفه وكل هذا وذاك من أجل تحقيق النتيجة او المبدأ الفوضوي .. دبر راسك .. أي انا ومن بعدي الطوفان ..!
أيضاً سياسة الحكومات من الناحية الإجتماعية والإعلامية وحتى الفكرية كانت ومازالت لها قصب السبق في تردي وضع الإنسان الأخلاقي والفكري .. فهي بدعمها لطبقة رجال الدين والعمائم والذين قاموا بدور سلبي وبتحالف مع رجالات السلطة السياسية في احتواء وامتصاص كل ثورة مطلب جماهيري محقة تنبع من تعبير عن إستياء للوضع المزري والمخزي .. هذا إضافة الى ممارسات بعض رجال الدين وتجارها في تشويه صورة المفاهيم الأخلاقية بأكملها..
وهكذا وعلى مدى عقود تم تشويه الوعاء الأدبي الأخلاقي بشكل ممنهج او غير ممنهج .. فأصبح الشخص الذكي والناجح بالمقاييس الحالية هو المنافق وصاحب الثروة والمتملق الذي يغير مبادئه ويوظف أخلاقه وإمكاناته الأدبية في تلميع صورة السلطة ورجالاتها وتجارها في سبيل اقتتات عظمة من هنا او هناك .. ويتناولها بكل شراهة ومن دون أدنى حس اخلاقي .. وأصبح مثالاً للشخص الموهوب الحربوق الذي يحاضر بالأخلاق والشرف وغيرها من الأدبيات وبكل وقاحة وعنجهية ..!!
أيها السادة إن مقولة أن ليس بالإمكان أفضل مما كان هي من نتائج تلك الإرهاصات والإنتكاسات والعوامل والأسباب المشوهة والسلبية التي إبتلينا بها ..لا بد لنا من لحظة وقوف مع الذات لإستشعار الكم الهائل من القرف والإشمئزاز والإنحطاط والإنكسار الذي نعيش فيه .. لا بد من البحث عن الحقيقة المختبأة في ذلك السواد المتشظي .. لا بد من البحث عن العطاء والإبداع والخَلق والإبتكار والتميز . قد آنَ لنا أن نتوقف عن تكرار أنفسنا وأجيالنا عبر سلالات ونسخ مشوهة ومتشابهة وعقيمة التفكير والإبداع ..؟
صحيح إن المعركة غير متكافئة الأن بين الأطراف المتصارعة أي بين الجمال والرقي والسمو والفكر الخلّاق والإبداع والخيال .. وبين الإنحطاط والسلبية والدونية والتردي والبشاعة والخزي .. لكن دائماً هنالك فسحة أمل علينا البحث عنها في مكان ما ..
فبإمكاننا البدء من الأجيال الصغيرة الصاعدة فهم أدوات التغيير نحو الأبداع والإنفتاح والخًلق .. وكما ذكرنا سابقاً إن الأخلاق كانت وما زالت هي البوصلة والموجّه والضابط للعمل والنشاط الإنساني بشقيه الخاص والعام لذلك لا بد من فرض مادة الأخلاق وتشريعها وتدريسها في المناهج الدراسية ومنذ الأعوام الأولى لسنوات الدراسة وذلك بعد استبعاد مادة التربية الدينية بكافة أشكالها والتي أثبت التاريخ فشلها وتأثيرها السلبي أكثر من نواحيها الإيجابية ..
أيضاً الإهتمام والعمل على تفعيل دور الإعلام وبشكل سبّاق واستثنائي لدفع وتوجيه المزاج والذوق الشعبي للإهتمام بالثقافة والهواية والتشجيع على ممارسة نشاطات جماعية وايجابية كالفنون بكافة أشكالها وصنوفها لتخلق روح التحدي والإبداع والخيال وتفجر الطاقات الكامنة في العقول الدفينة وذلك بمساعدة المنظمات الأهلية والمدنية وكافة السلطات المحلية والفردية وعلى كافة الأصعدة حتى تعود الأمور الى نصابها وحتى نبتعد قدر الإمكان عن طبيعتنا الغرائزية .. لنتحول ونقترب قدر الإمكان من انسانيتنا المستلبة والمفقودة بكل وقاحة وعنجهية ..!
اللاذقية بتاريخ 18\8\2016
بقلم الكاتب المحامي : إيهاب ابراهيم - www.facebook.com/ihab.ibrahem.54
www.twitter.com/ihab_1975
e.mail:ihab_1975@hotmail.com
gmail:ihabibrahem1975@gmail.com
الخميس، 18 أغسطس 2016
الأربعاء، 17 أغسطس 2016
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)